كيف تساهم التكنولوجيا الحديثة في التعامل مع حرائق الغابات؟

4 دقائق
كيف تساهم التكنولوجيا الحديثة في التعامل مع حرائق الغابات؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Toa55

مع ازدياد ظاهرة الاحتباس الحراري على كوكب الأرض، تشهد العديد من الدول ازدياداً في عدد حرائق الغابات، خاصة في فصل الصيف الذي ترتفع فيه درجات الحرارة لأرقام قياسية وينتشر الجفاف في الكثير من الأماكن. وسندرك حجم المشكلة بمجرد إلقاء نظرة خاطفة على حرائق الغابات كل سنة والمساحة الهائلة للغابات المعرضة للخطر.

يضاف إلى هذه المشكلة مشكلةٌ أخرى، وهي أن معظم السلطات المحلية في دول العالم ما تزال تستخدم نفس الوسائل التي كانت تستخدم للسيطرة على الحرائق في قبل نصف قرن، وهي وسائل لم تثبت نجاحها إلا في حالات قليلة.

إطفاء الحرائق والسيطرة عليها اليوم

في معظم دول العالم، يتم التعامل مع حرائق الغابات بإحدى طريقتين:

1. التدخل المباشر

يشمل التدخل المباشر أي جهود تقوم بها السلطات المحلية أو الأفراد المتطوعين لإطفاء النيران، في حال كان الحريق صغيراً، يمكن إطفاؤه عن طريق تغطية اللهب بالتراب أو الرمال أو القليل من الماء، وإن كان الحريق كبيراً، تتم الاستعانة بوحدات الإطفاء التي تقوم برش اللهب بالماء أو مواد تثبط انتشاره، وفي بعض الحالات، يمكن الاستعانة بالطائرات لرش الماء على مساحات واسعة.

اقرأ أيضاً: هل يساهم التغير المناخي في تأجيج الحرائق الهائلة في كاليفورنيا؟

2. التدخل غير المباشر

في التدخل غير المباشر، بدلاً من محاولة إطفاء اللهب، يتم إنشاء خط دفاع على بعد مسافة من النار. في خط الدفاع هذا، يقوم رجال الإطفاء والمتطوعون بإزالة الأشجار والنباتات القابلة للاشتعال، بهذه الطريقة، تصبح منطقة الحريق معزولة ومقيدة.

يمكن إنشاء خطوط الدفاع هذه التي تعرف باسم خطوط النار أو خطوط الحماية من الحرائق عن طريق قطع الأشجار وإبعادها، أو عن طريق إشعال حرائق يمكن السيطرة عليها.

تكنولوجيا حديثة واعدة

لم جميع طرق التدخل المباشر وغير المباشر ناجحة إلا في حالات قليلة، وفي معظم الحالات، تنتشر حرائق الغابات على مساحات واسعة وتتسبب في خسائر كبيرة. لذلك، هناك حاجة إلى البحث عن طرق بديلة أكثر فعالية.

بعض الشركات والباحثين اقترحوا أو قدموا حلولاً تبدو واعدة للمشكلة، ومن المتوقع أن يؤدي الجمع بينها إلى الحد من انتشار حرائق الغابات في معظم الأماكن، تركز هذه الحلول على استخدام التكنولوجيا الحديثة في أربع مجالات:

  •  الإنذار المبكر.
  • تحديد مسار انتشار الحرائق.
  • إطفاء الحرائق بطرق أكثر كفاءة.
  • إعادة إحياء الغابات بعد الحرائق.

الإنذار المبكر

يرى الكثير من الباحثين أن أفضل طريقة هي الوقاية، أي تجنب الحرائق والكشف عنها فور حصولها، عندها ستكون السلطات المحلية قادرة على التصرف لمنع حدوث الحريق أو إطفائه بسرعة حين تكون مساحة انتشاره صغيرة.

قد يبدو الأمر وكأنه شيء من الخيال العلمي، لكن في المستقبل، قد يكون الذكاء الاصطناعي قادراً على التنبؤ بأماكن حرائق الغابات قبل أن تندلع.

يعمل أستاذ حرائق البراري في جامعة ألبرتا الكندية مايك فلانيجان على تطوير برنامج مدعوم بالذكاء الاصطناعي لهذه المهمة، ويعتمد البرنامج على مراقبة الظروف مثل حالة الطقس والرطوبة والجفاف ودرجة الحرارة وحركة الرياح، ويستطيع تحديد الظروف التي يمكن أن تؤدي لاشتعال الحرائق أفضل من أي خبير أو عالم أرصاد جوية.

ليس هذا فحسب، يستطيع البرنامج تقييم بيانات الطقس القديمة والتنبؤ بأنماط الطقس المتغيرة، ما يساعد على تحديد المكان الذي يمكن أن تبدأ فيه الحرائق الأكثر كارثية بالضبط.

اقرأ أيضاً:

تحديد مسار انتشار الحرائق

ظهرت أداة جديدة تساعد السلطات في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأميركية على مراقبة حرائق الغابات والتنبؤ بالمكان الذي ستنتشر فيه النيران.

هذه الأداة تسمى "واي فاير" (WIFIRE)، وهي عبارة عن نظام متكامل لتحليل الحرائق باستخدام الحسابات الدقيقة ومعالجة والصور والنماذج والبيانات الضخمة. يتم جمع هذه البيانات في الوقت الفعلي من الكاميرات وأجهزة الاستشعار والأقمار الصناعية ومراصد الطقس للحصول على صورة واضحة ومفصلة حول الحريق والظروف المحيطة به والتنبؤ بمسار انتشاره.

أهم ما تقوم به الأداة هو تقييم جهة وسرعة حركة الرياح، ما يساعد رجال الإطفاء على معرفة أماكن انتشار النيران والتدخل لمنع هذا الانتشار.

تساعد الأداة أيضاً على تنبيه السكان المحليين الذي يحتمل أن تكون منازلهم في الأماكن التي سيطالها الحريق، ليتم إجلاؤهم وتجنب أي خسائر في الأرواح.

إطفاء الحرائق بطرق أكثر كفاءة

بالإضافة إلى جهود الإنذار المبكر والتنبؤ بمكان انتشار حرائق الغابات، يعمل باحثون على تطوير طرق ثورية يمكن من خلالها إطفاء النيران المشتعلة، وتتمثل إحدى أهم هذه الطرق المبتكرة في استخدام الموجات الصوتية ذات التردد المنخفض.

بدأت هذه الفكرة الثورية في عام 2015، حين قام اثنان من طلاب الهندسة في جامعة جورج ميسون وهما سيث روبرتسون وفييت تران بصناعة أول مطفأة حريق صوتية.

تعمل المطفأة الصوتية باستخدام الموجات الصوتية لإبعاد الأوكسجين عن اللهب ودفعه للانتشار في مساحة سطح أكبر. بهذه الطريقة، يتم كسر مثلث الحريق الذي يتكون من الوقود والأوكسجين والحرارة، والتي تعتبر عناصر ضرورية لاستمرار اشتعال النار. وبمجرد ابتعاد الأوكسجين عن اللهب، لن تكون هناك إمكانية لاستمرار تفاعل الاحتراق.

تستخدم مطفأة الحريق الصوتية موجات صوتية منخفضة التردد (30 - 60 هرتز)، ولا تحتاج لأي شيء آخر، ويمكنها ببساطة إطفاء النار دون الحاجة للماء أو أي مادة أخرى.

طريقة جديدة أخرى ظهرت في ولاية أوهايو الأميركية، حيث تم تزويد بعض وحدات الإطفاء بأداة جديدة لمكافحة الحرائق، وهي عبارة عن خراطيم تضخ الماء بضغط مرتفع للغاية يصل لنحو 550 كغ لكل بوصة مربعة. يؤدي ذلك إلى إنشاء ضباب دقيق للغاية يسمح بامتصاص الحرارة من الحرائق بسهولة أكبر. وقد تبين أن هذا الخراطيم أكثر فعالية من الخراطيم العادية بخمس مرات.

اقرأ أيضاً: حرائق أستراليا أدّت وحدها إلى انبعاثات تزيد عن انبعاثات 100 دولة مجتمعة

إعادة إحياء الغابات بعد الحرائق

تستطيع الغابات أن تستعيد عافيتها وتنمو من جديد بعد الحرائق، لكن ذلك قد يتطلب وقتاً طويلاً، يمكن أن يساعد التدخل البشري في إعادة إحياء الغابة بسرعة، وهذا مهم بشكلٍ خاص في الغابات التي تعد موطناً للأنواع الحيوانية والنباتية النادرة أو المهددة بالانقراض، حيث يؤدي غياب موائلها إلى انقراضها مع ما يترتب على ذلك من تأثير على البيئة.

تساعد التكنولوجيا الحديثة على إجراء مسح جيولوجي يمكن الباحثين من تحديد أماكن التربة المستقرة والتعرية والأماكن التي يجب أن تزرع فيها الأعشاب والنباتات، ومكان زراعة الأشجار والشجيرات الجديدة.

المحتوى محمي