لماذا أصبح البريد الإلكتروني أكبر خطر يهدد خصوصيتك الرقمية؟

5 دقائق
لماذا أصبح البريد الإلكتروني أكبر خطر يهدد خصوصيتك الرقمية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ sitthiphong

في الفترة الأخيرة تفاقمت قضايا الخصوصية الرقمية مع تركيز مواقع الويب والتطبيقات على جمع بيانات المستخدمين عبر الإنترنت بكل الطرق القانونية وغير القانونية. وعلى الرغم من أن عدة شركات، خاصةً شركات التكنولوجيا الكبرى مثل آبل وجوجل، تعمل باستمرار على ابتكار ونشر طرق جديدة لحماية الخصوصية، لكنها تبتدع دائماً طرقاً أكثر ابتكاراً للتحايل عليها.

يمثّل ذلك مصدر قلق كبيراً للمستخدمين خاصة أولئك الذين لا يدركون المخاطر التي يواجهونها عندما يتم اختراق خصوصياتهم الرقمية. إذاً، كيف يمكن لمعرف بسيط مثل البريد الإلكتروني أن يؤدي إلى انتهاكات الخصوصية والتداول غير المرغوب فيه لبياناتك؟ وماذا يمكنك أن تفعل لتقليل الخطر؟

كيف يسهم عنوان البريد الإلكتروني في تعريض خصوصيتك الرقمية للخطر؟

يرتبط البريد الإلكتروني بكل ما نقوم به عبر الإنترنت، فعندما تقوم بإدخال بريدك الإلكتروني في موقع ويب، فهذا يعني عادةً أنك تقبل اتفاقية شروط الخدمة وسياسات الخصوصية التي تنظّم كيفية جمع بياناتك، والتي قد لا تكون على استعداد لقراءتها، وهو ما يعطي مواقع الويب والتطبيقات الحق في مشاركة عنوان البريد الإلكتروني والبيانات الأخرى التي يتم جمعها واستخدامها لمصلحتها الخاصة، أو بيعها لأطراف ثالثة مثل شركات الإعلانات.

اقرأ أيضاً: لماذا يصعب قراءة سياسات الخصوصية؟ وكيف يمكن جعلها سهلة الفهم؟

ففي كل مرة تُدخل فيها عنوان بريدك الإلكتروني في مواقع الويب عبر الإنترنت والتطبيقات المختلفة، يتم تخزينه في قاعدة بيانات تُستخدم لتحديد المنتجات والخدمات التي تستخدمها، وإنشاء صورة شاملة عنك تتضمن معلومات وبيانات خاصة مثل:

  • موقعك الجغرافي.
  • حساباتك في منصات التواصل الاجتماعي.
  • سجل البحث عبر محركات البحث.
  • الأفلام التي تشاهدها عبر منصات بث الفيديو عند الطلب.
  • مواقع الويب التي تزورها.
  • النشرات الإخبارية التي تشترك فيها.
  • المحتوى المكتوب الذي تقرأه.
  • المنتجات التي تشتريها عبر مواقع التسوق.
  • المراجعات التي تكتبها للمنتجات التي قمت بشرائها.
  • وجهات السفر التي زرتها أو التي تنوى زيارتها.

كل هذه المعلومات والبيانات وغيرها يمكن الحصول عليها بسهولة عند معرفة عنوان بريدك الإلكتروني، ما يمكّن من معرفة الكثير عنك بسهولة. على سبيل المثال، إذا قمت بتسجيل الدخول إلى جوجل عبر متصفح جوجل كروم، سيتم ربط بريدك الإلكتروني بكل موقع ويب تزوره ويتم تسجيله في قواعد بيانات مختلفة.

ومن ثم، يمكن لأي شخص لديه حق الوصول إلى هذه البيانات أن يمتلك معرفة متعمقة عن حياتك الرقمية، بحيث يمكن له أن يعرف نوع الشخص الذي أنت عليه، وماذا تقرأ، والمنتجات التي قمت بشرائها، وغيرها من المعلومات التي يمكن أن تُتاح لأطراف ثالثة تقوم عبرها بتنفيذ هجمات التصيد الاحتيالي أو هجمات الهندسة الاجتماعية وغيرها.

اقرأ أيضاً: إليك كيفية تدريب موظفيك على تجنب التصيد الاحتيالي

مخاطر تقديم عنوان البريد الإلكتروني الرسمي الخاص بالشركة

يعد قيام الموظفين بإدخال عناوين البريد الإلكتروني الرسمية التابعة لشركاتهم في كل موقع ويب أو تطبيق بمثابة دعوة رسمية للمنافسين للاطلاع على أنشطة الشركة وأسرارها التجارية وتعريض الأعمال للخطر. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تتبع أنشطة الموظفين عبر عناوين البريد الإلكتروني الرسمية، مثل الزيارات إلى مواقع العملاء المحتملين، إلى تزويد المنافسين بمعلومات حول من تتحدث الشركة إليهم.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكشف تنزيل المحتوى من موقع ويب باستخدام بريد إلكتروني رسمي عن حقيقة أن الشركة ربما سوف تتواجد في سوق معينة لتقديم منتج أو خدمة معينة، ما قد يؤدي إلى قيام الشركات المنافسة بتسريع تقديم خططها أو الدخول إلى السوق بنفسها شكلٍ مبكر للحصول على النسبة الأكبر من الأرباح أو العملاء المحتملين.

علاوة على ذلك، يمكن استهداف الموظفين عبر عناوين البريد الإلكتروني الرسمية الخاصة بشركاتهم عبر هجمات التصيد المعلوماتي الموجه، وحثهم على تنزيل فيروسات أو برامج ضارة يمكن أن تمنح مجرمي الإنترنت أو الشركات المنافسة إمكانية الوصول إلى الأنظمة الداخلية للشركة أو الكشف عن المعلومات السرية والحساسة.

اقرأ أيضاً: كيف يستهدف قراصنة المعلومات الشركات باستخدام البريد الإلكتروني؟

ما التأثير طويل المدى لتقديم بريدك الإلكتروني لمواقع الويب والتطبيقات؟

يمكن أن يكون التأثير طويل المدى لتقديم عنوان بريدك الإلكتروني إلى مواقع الويب والتطبيقات ذا أثر كبير، سواء كان إيجاباً أو سلباً. على الجانب الإيجابي، يُتيح لك تقديم عنوان بريدك الإلكتروني البقاء على اطلاع دائم بأحدث الأخبار والمعلومات من مواقع الويب والتطبيقات التي تستخدمها.

كما يمكن أن يسمح لك أيضاً بالمشاركة في المجتمعات والمنتديات عبر الإنترنت والتواصل مع الأصدقاء والعائلة، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يكون تقديم عنوان بريدك الإلكتروني لمواقع التسوق عبر الإنترنت وسيلة رائعة وغير مكلفة لتلقي الخصومات والعروض الترويجية بشكلٍ أسرع وأسهل.

ولكن على الجانب السلبي، يمكن أن تكون لتقديم عنوان بريدك الإلكتروني إلى العشرات من مواقع الويب والتطبيقات تأثيرات طويلة المدى على خصوصيتك وأمانك الرقمي، ويجعلك أكثر عرضة لهجمات الرسائل المزعجة أو ما يُعرف برسائل السبام (Spam)، كما يمكن أن يؤدي أيضاً إلى بيعه لشركات خارجية يمكن أن تستخدمها لاستهدافك بالإعلانات التسويقية والعروض الترويجية والمحتوى غير المرغوب به.

بالإضافة إلى ذلك، إذا قدّمت عنوان بريدك الإلكتروني إلى موقع ويب أو تطبيق تم اختراقه، فقد تتعرض معلوماتك الشخصية للاختراق أو استخدامه للوصول إلى حساباتك الأخرى عبر الإنترنت. وبشكلٍ عام، كلما زاد عدد مواقع الويب أو التطبيقات التي تقدم لها بريدك الإلكتروني، زادت الطرق التي يمكن من خلالها استغلاله لتعريض حياتك الرقمية للخطر.

اقرأ أيضاً: كيف يتم توظيف الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن السيبراني؟

كيف تضمن أن بريدك الإلكتروني لا يتم استغلاله في اختراق خصوصيتك الرقمية؟

يمكن لعدد قليل من الشركات سن سياسات تنص على أنه لا يمكن للموظفين استخدام عناوين بريدهم الإلكتروني الرسمية على مواقع محددة، وإخبارهم حول مخاطر استخدام عناوين البريد الإلكتروني الرسمية للتسجيل في مواقع الويب والتطبيقات العامة عبر الإنترنت.

ولكن مع ذلك نجد أن معظم موظفي الشركات أو حتى الأفراد يتعاملون بحسن نية مع عناوين بريدهم الإلكتروني سواء الرسمية أو الشخصية، ما يتطلب من الشركات وضع ضوابط محددة عند استخدام عنوان البريد الإلكتروني الرسمي، بينما يجب على الأفراد تثقيف أنفسهم حول مخاطر تقديم عناوين بريدهم الإلكتروني لكل موقع أو تطبيق يجدونه عند تصفح الإنترنت. وتتضمن بعض الاقتراحات الأخرى ما يلي:

إنشاء عدة عناوين بريد إلكتروني لاستخدامها عبر الإنترنت

على الرغم من أن إنشاء 10 أو حتى 5 عناوين بريد إلكتروني نصيحة غير عملية لصعوبة تذكرها جميعاً، فإنه من الناحية العملية يمكن إنشاء عنوانين أو ثلاثة لاستخدامها للتسجيل في مواقع الويب أو التطبيقات.

على سبيل المثال، إذا كانت لديك هواية معينة مثل القراءة أو مشاهدة المحتوى عبر الإنترنت، يمكنك إنشاء عنوان بريد إلكتروني واحد لهذه الهواية، بينما يمكنك استخدام الاثنين الآخرين للتواصل الشخصي أو التسجيل في منصات التواصل الاجتماعي أو للتسوق وللتواصل الرسمي.

اقرأ أيضاً: 5 طرق لحماية بريدك الإلكتروني من الفيروسات والبريد العشوائي

استخدام أدوات إخفاء البريد الإلكتروني

تقدّم عدة شركات مثل آبل وموزيلا أدوات خاصة لإنشاء عناوين بريد إلكتروني عشوائية تُستخدم لمرة واحدة فقط، حيث يمكن استخدام هذه الأدوات مع التطبيقات ومواقع الويب، ومن ثم ستضمن أن يظل عنوان البريد الإلكتروني الشخصي أو عنوان الشركة خاصاً.

تخصيص إعدادات ملفات تعريف الارتباط

تمنح معظم متصفحات الويب المستخدمين خيار إيقاف تشغيل إعدادات ملفات تعريف الارتباط أو تخصيصها، ما يمنع موقع الويب من القدرة على ربط نشاطهم عبر الإنترنت بعنوان البريد الإلكتروني الشخصي، وبهذه الطريقة يمكن للمستخدمين ليس فقط حماية أنفسهم من انتهاك الخصوصية، ولكنه قد يقلل ذلك أيضاً من عدد الإعلانات المستهدفة التي يتلقونها.

اقرأ أيضاً: كيف يمكنك تعزيز خصوصيتك على الإنترنت عبر ضبط إعدادات المتصفح؟

قد تعتقد أنك تحصل على معلومات مجانية عند تقديم عنوان بريدك الإلكتروني لكل موقع ويب أو تطبيق عبر الإنترنت، ولكن في الواقع أنت تسهم في ربحية العديد من اللاعبين الذين يمكنهم بيع بياناتك ومعلوماتك التي يحصلون عليها عبر عنوان بريدك الإلكتروني لمن يدفع أعلى سعر، ومن ثم إذا كانت هذه البيانات تعرّضك للخطر فكل ما سوف تتلقاه مقابل تقديم عنوان بريدك الإلكتروني لا يستحق بالتأكيد التكلفة.