كيف يمكن أن تساهم الأمونيا في تنظيف صناعة الشحن العالمية؟

3 دقائق
كيف يمكن أن تساهم الأمونيا في تنظيف صناعة الشحن العالمية؟
حقوق الصورة: غيتي إيميدجيز.

قد يبدو استخدام الأمونيا كوقود لتخفيض انبعاثات غازات الدفيئة أمراً مستغرباً. فهذا الغاز المعروف برائحته الكريهة يمكن أن يكون خطيراً وساماً.

ولكنه قد يساهم بدور مهم في تخفيف الاعتماد على الكربون في صناعة الشحن العالمية، ويؤمّن وسيلة فعّالة لتخزين الطاقة المطلوبة لتحريك السفن الضخمة في رحلاتها الطويلة.

ومؤخراً، قام المكتب الأميركي للشحن، والذي يضع معايير السلامة للشحن العالمي، بمنح موافقة على المراحل الأولية لتشغيل بعض السفن بالأمونيا مع بنية تحتية للتزويد بالوقود، بما في ذلك تصميم من شركة سامسونغ للصناعات الثقيلة (Samsung Heavy Industries)، وهي إحدى أضخم الشركات العالمية لبناء السفن. ومن المحتمل أن تبدأ هذه السفن بعبور البحار خلال سنوات قليلة، فقد وعدت عدة شركات بتسليم طلباتها في 2024. وعلى الرغم من أن هذا الوقود يحتاج إلى محركات جديدة وأنظمة جديدة للتزود بالوقود، فإن استخدامه بدلاً من الوقود الأحفوري الذي تحرقه السفن حالياً، بمختلف أنواعه، يمكن أن يحدث فرقاً ملحوظاً في الانبعاثات الكربونية العالمية. 

اقرأ أيضاً: لماذا لا ترقى بدائل الوقود الأحفوري إلى مستوى التوقعات المتعلقة بالانبعاثات في صناعة الطيران؟

كما أن بعض الشركات تخطط للمستقبل أبعد من ذلك، فقد قامت شركة أموغي (Amogy) بجمع ما يقرب من 50 مليون دولار في وقت سابق من هذه السنة لاستخدام هذه المادة الكيميائية في خلايا وقودية يمكن أن تؤدي حتى إلى تخفيض إضافي في الانبعاثات. 

انبعاثات الشحن البحري لا يُستهان بها

يمثل الشحن نسبة 3% تقريباً من الانبعاثات العالمية لثنائي أوكسيد الكربون. وإذا أثبتت الاختبارات الأولية للأمونيا، أو الأنواع الأخرى من الوقود البديل، إمكانية توسيع نطاق الأنظمة المتعلقة بهذا الوقود، فإن هذه التكنولوجيات الجديدة يمكن أن تساعد صناعة الشحن على البدء بالتخلي عن الاعتماد على الوقود الأحفوري وإبطاء الانبعاثات التي تتسبب بالتغيّر المناخي.

ويعتبر الأمونيا خياراً جذاباً بسبب كثافته الطاقوية العالية، أي مقدار الطاقة التي يمكن تخزينها ضمن حجم معين. ومع أنه يوجد عادة بالشكل الغازي، إلا أنه قابل للضغط بقيم منخفضة نسبياً لتحويله إلى سائل قابل للنقل بسهولة.

ويعتبر الأمونيا من المواد الكيميائية المألوفة لدى شركات الشحن. ويتم إنتاج ما يقرب من 200 مليون طن منه على مستوى العالم، ويتم استخدام ما يقارب ثلاثة أرباع هذه الكمية في إنتاج الأسمدة. وبالتالي، فإن معظم المرافئ تتضمن شكلاً ما من مخازن الأمونيا للشحن.

ولكن استخدام هذه المادة الكيميائية ليس خالياً من المشكلات. فعند حرق الأمونيا كوقود، يمكن أن نحصل على أكاسيد النيتروجين (NOx). وهذه المركبات تنتمي إلى مجموعة غازات الدفيئة التي يمكن أن تؤذي البشر والحيوانات أيضاً، كما تقول مديرة الحملات المناخية في منظمة باسيفيك إنفايرونمينت (Pacific Environment) البيئية، مادلين روز.

اقرأ أيضاً: انخفاض الانبعاثات هذا العام قد لا يتجاوز 4% رغم توقف عجلة الاقتصاد العالمي

خلايا الأمونيا الوقودية

ولكن، إذا اعتمدت السفن بدلاً من هذا على خلايا الأمونيا الوقودية، سيصبح من الممكن تفادي مشكلة التلوث بأكاسيد الأمونيا. 

فمن الممكن أن تحتوي السفينة العاملة بالخلية الوقودية على خزانات للأمونيا، إضافة إلى مفاعل يقوم بتفكيك الأمونيا إلى النيتروجين والهيدروجين. وبعد ذلك، يتم نقل الهيدروجين إلى الخلية الوقودية، حيث يتحد مع الأوكسجين لتوليد الماء والكهرباء اللازمة لتشغيل السفينة. 

تُعتبر مادة الأمونيا أقل تكلفة من الهيدروجين من حيث النقل والتخزين، ويمكن لتخفيض التكاليف أن يسهل انتشار الاعتماد على الخلايا الوقودية في صناعة الشحن. وقد أجرت الشركة الناشئة أموغي عرضاً تجريبياً لمفاعلها الذي يحول الأمونيا إلى هيدروجين في وقت سابق من هذه السنة باستخدام جرار زراعي. وتخطط الشركة لتوسيع نطاق هذه التكنولوجيا لاستخدامها على مركبات آلية أضخم حجماً، مثل الشاحنات، وفي نهاية المطاف، السفن. 

ولكن نقل صناعة ضخمة مثل الشحن إلى الاعتماد على الأمونيا سيحتاج إلى زيادة كبيرة في العرض لهذا الوقود، كما يقول الرئيس التنفيذي لأموغي، سونغهون وو. وفي نهاية المطاف، يجب على السوق العالمية لإنتاج الأمونيا مضاعفة الإنتاج مرتين أو حتى ثلاث مرات لمجاراة حجم الطلب المحتمل على الأمونيا، وفق تقديراته.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للجسيمات النانوية التي تمتص الضوء أن تساعد على التخفيف من الانبعاثات الكربونية؟

تحديات استخدام الأمونيا كوقود

ويتم إنتاج معظم كميات الأمونيا حالياً باستخدام عملية تبلغ من العمر قرناً كاملاً وتحتاج إلى كمية كبيرة من الطاقة وتعتمد على الوقود الأحفوري. أما إنتاج الأمونيا الأخضر باستخدام الطاقات المتجددة ما زال محدوداً، على الرغم من أن الشركات الضخمة في الصناعة، مثل شركة يارا (Yara)، وهي أهم شركة على مستوى العالم في إنتاج الأمونيا، تعمل على مشاريع تجريبية لاستخدام الطاقات المتجددة واستخدام أنظمة التقاط الكربون لتخفيف الانبعاثات الصادرة عن عملية الإنتاج.  

ويمكن لتزايد استخدام هذه التكنولوجيا في صناعة الشحن أن يساعد على تخفيف التكاليف وتشجيع الشركات على تطبيق التغييرات المطلوبة. ولكن البلدان والمؤسسات الناظمة، مثل المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة، ستحتاج أيضاً على الأرجح إلى فرض التشريعات التي تجبر شركات الشحن على التخفيف من الانبعاثات وتطبيق التكنولوجيات الجديدة، كما يقول أباسوف. 

اقرأ أيضاً: لماذا لم يعد بإمكاننا تجاهل خيار التكيّف المناخي؟

من المرجح أن تخفيف انبعاثات صناعة الشحن لن يعتمد على حل واحد، كما تقول روز من باسيفيك إنفايرونمينت. كما أن تخفيف الاعتماد على الكربون في صناعة بهذه الضخامة سيتطلب تحقيق العديد من الأشياء الأخرى، مثل زيادة الفعالية والانتقال إلى التشغيل بالكهرباء وابتكار تكنولوجيات جديدة، ولكن أنواع الوقود الأكثر نظافة مثل الأمونيا ستساهم بدور مهم من دون شك.

المحتوى محمي