مخاوف غربية من اقتراح صيني لإعادة بناء الإنترنت

2 دقائق

تقدمت وزارة الصناعة والتكنولوجيا الصينية بالاشتراك مع عدة شركات صينية أبرزها هواوي باقتراح إلى الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) ينطوي على تغييرات جذرية في طريقة عمل الإنترنت بهدف مواكبة التطور الكبير في مجال التكنولوجيا والشبكات.

تفاصيل الاقتراح الجديد

وفقاً لصحيفة فاينانشال تايمز، يتضمن الاقتراح دعوةً لتبني بروتوكول جديد للإنترنت اسمه (New IP) من شأنه أن يحسِّن عمليات إدارة الشبكة ويزيد فعالية نظام العَنونة. وتقول الصين إن النظام الجديد سيمكِّن من تشغيل أحدث التقنيات مثل الهولوغرام وإنترنت الأشياء والسيارات ذاتية القيادة

وفي العرض التقديمي للاقتراح -الذي حصلت فاينانشال تايمز على نسخة منه- تصف شركة هواوي البروتوكول الرئيسي الحالي الذي تقوم عليه شبكة الإنترنت (TCP/IP) بأنه "غير مستقر" و"غير كافٍ" لتلبية احتياجات الشبكات المستقبلية. ودعت الشركة الاتحاد الدولي للاتصالات إلى "تحمل مسؤولياته في تبني رؤية بعيدة المدى لتصميم شبكة الإنترنت المستقبلية".

ما هو بروتوكول التحكم بالنقل/ بروتوكول الإنترنت (TCP/IP)؟

في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، أجريت مجموعة من الأبحاث الأكاديمية والعسكرية، التي أدت إلى تطوير بنية تحتية مشتركة تسمح للشبكات الإفرادية بمشاركة الموارد. ونعرفها الآن باسم مجموعة بروتوكولات الإنترنت، التي تتضمن بروتوكول التحكم بالنقل TCP وبروتوكول الإنترنت IP، وهما أساس الإنترنت الحالية.

وتعتمد معظم تطبيقات الإنترنت مثل الويب والبريد الإلكتروني ونقل الملفات على هذه البروتوكولات. ويتولى بروتوكول التحكم بالإرسال مهمة الإرسال الموثوق للبيانات على هيئة حزم عبر شبكة الحواسيب التي تدعم بروتوكول الإنترنت إلى أن تصل إلى وجهتها. ويتم الاعتماد على عنوان الإنترنت (IP) الموجود في ترويسة هذه الحزم لتمييز هوية الحواسيب عبر الشبكة وتحديد الحاسوب الذي يجب أن يستلم الحزمة.

ما الذي يقدمه بروتوكول الإنترنت الجديد (New IP)؟

وفقاً لمهندسي هواوي، يزداد تحول الإنترنت إلى شبكات منفصلة تعتمد على أنظمة مختلفة للعَنونة، مثل الشبكات الخاصة والشبكات عبر الأقمار الاصطناعية. ويهدف بروتوكول الإنترنت الجديد المقترح إلى توفير آلية "عَنونة ديناميكية" لتمكين الشبكات المستقبلية المختلفة من الاتصال ببعضها البعض من دون مشاكل. كما سيسمح باتصال أجهزة الشبكة الواحدة مع بعضها من دون الحاجة لإرسال البيانات عبر الإنترنت.

مخاوف غربية من الاقتراح الصيني

على الرغم من أن الاقتراح قد حظي بدعم من روسيا ودول أخرى، إلا أن الحكومات الغربية بما فيها الولايات المتحدة والسويد والمملكة المتحدة قد عبّرت عن مخاوفها من أن تفضي المعايير الجديدة إلى تفتيت الإنترنت وتعزيز رقابة الحكومات عليها.

ووفقاً لصحيفة فاينانشال تايمز، تتمحور هذه المخاوف حول أمرين يتضمنهما البروتوكول الجديد: الأول هو أن هذا البروتوكول يتضمن "خاصية تتبع" للمصادقة على العناوين الجديدة والأشخاص والمعلومات قبل إضافتها إلى الشبكة. أما الأمر الآخر المثير للقلق فهو احتواء البروتوكول الجديد على ميزة "إيقاف التشغيل" التي تسمح لجهة مركزية في الشبكة بقطع الاتصال عن أي عنوان إنترنت، وبالتالي -عندما يترافق ذلك مع الخاصية الأولى- يمكن قطع الاتصال بالإنترنت عن أي شخص.

ونتيجةً لذلك، أثار الاقتراح الجديد انتقادات الدول الغربية ومخاوفها من إمكانية تعاظم سيطرة مزودي خدمة الإنترنت -ومن خلفها الحكومات- على عناوين الشبكة ومستخدميها، وتداعيات ذلك على الأمن السيبراني والخصوصية وحقوق الإنسان.

ومن الجدير بالذكر أن ارتباطات شركة هواوي بالحكومة الصينية قد دفعت الحكومات الغربية سابقاً إلى الامتناع عن استخدام تجهيزات الشركة لشبكات الجيل الخامس، بداعي مخاوف تتعلق بالأمن القومي.

هواوي تحاول بث الاطمئنان تجاه البروتوكول الجديد

أكدت شركة هواوي أن الهدف الوحيد لهذا الاقتراح هو تلبية المتطلبات التكنولوجية المتنامية للعالم الرقمي، وأن البروتوكول الجديد لا يتضمن في تصميمه أي شكل من أشكال الرقابة. كما أوضح متحدث باسم الشركة أن "الأبحاث المتعلقة ببروتوكول الإنترنت الجديد مفتوح لجميع العلماء والمهندسين للمشاركة والإسهام في تصميمه".

وقد صرّحت الشركة أنها قد شرعت بالفعل في بناء بعض المعدّات اللازمة للبينة الجديدة بمساعدة من عدة دول وشركات لم تحددها. وأضافت أن بعض هذه التجهيزات سيكون جاهزاً للاختبار بحلول عام 2021.

المحتوى محمي