أصبحت جميع الشركات والمؤسسات في العالم مراكز بيانات ضخمة، فنحن الأفراد نوفر باستمرار، بعلمنا أو بدون علمنا، كميات كبيرة من البيانات التي تستفيد منها الشركات وتحقق أرباحاً هائلة.
تعني البيانات الضخمة الكميات الكبيرة من البيانات التي تشغل مساحة تخزين كبيرة، تكون هذه البيانات بحجم يقدّر بوحدة هي تيرابايت (Terabyte)، وهي تساوي تقريباً 1000 غيغابايت أو مليون ميغابايت.
اقرأ أيضاً: ما هي البيانات الضخمة وما مجالات تطبيقها وآفاقها المستقبلية؟
كيف تستخدم الشركات البيانات الضخمة؟
سنستعرض فيما يلي الاستخدامات الشائعة للبيانات الضخمة في 6 قطاعات مهمة واستراتيجية، مع العلم أن هذه ليست كل القطاعات التي تستفيد من البيانات الضخمة.
البيانات الضخمة في التسويق
من خلال جمع كميات كبيرة من بيانات العملاء، تستطيع الشركات معرفة رغباتهم وتفضيلاتهم، هذا ما يجعل التسويق الرقمي أحد أكثر استخدامات البيانات الضخمة شيوعاً.
عادةً، تكون الشركات التي تقدم خدمات التسويق قادرة على جمع الكثير من بيانات العملاء، مثل شركتي جوجل وميتا الرائدتين في التسويق، كلتا الشركتين تمتلكان قاعدة مستخدمين ضخمة تضم مليارات الأشخاص، ويمكن بفضل تطبيقاتهما وأدواتهما منح الشركات فرصة تسويق عالية الجودة، والوصول إلى العملاء بدقة.
تستفيد أمازون كثيراً من البيانات الضخمة، هذه الشركة تجمع منذ أكثر من عقدين الكثير من المعلومات حول ما يشتريه ملايين الأشخاص، مثل مكان إقامتهم والسلع التي يفضّلونها وطرق الدفع الخاصة بهم. لذلك، إذا كانت لديك شركة تنتج سلعة ما، تستطيع أمازون أن تقول لك مَن هم العملاء الذين يحتمل أن يشتروا هذه السلعة وعددهم وأماكن تواجدهم، وستساعدك على الوصول إليهم واستهدافهم.
تستطيع الشركات استخدام البيانات أيضاً حين ترغب في التوسع لمناطق جغرافية جديدة، أو لإطلاق منتجات وخدمات جديد تلبي اهتمامات العملاء، لأن البيانات يمكن أن تكشف عن اهتمامات العملاء.
اقرأ أيضاً: 10 تطبيقات للذكاء الاصطناعي في مجال التسويق الرقمي
البيانات الضخمة في النقل
يمكن أن تستفيد جميع قطاعات النقل البري والبحري والجوي من البيانات الضخمة، لأن النقل يعتمد على عدد كبير من العوامل المتغيرة التي يجب أن نجمع معلومات عنها، مثل حالة الطقس وحالة الطرق وحالات الطوارئ والازدحام المروري وأوقات الذروة، وحين يكون الوصول إلى هذه المعلومات متاحاً، سيكون النقل أفضل وأكثر كفاءة.
يتيح جمع المعلومات حول عدد السيارات الموجودة على طرقات المدينة إمكانية توجيه السيارات للسير عبر طرقات أخرى وتجنب الازدحام، ما يساهم في توفير الوقت والوقود. يمكن أن يؤدي ذلك دوراً حاسماً في حالات الطوارئ، حين تكون سيارات الإسعاف أو الإطفاء أو الشرطة بحاجة للوصول إلى أحد الأماكن بأسرع وقت ممكن.
لهذا السبب، ليس استحواذ جوجل في عام 2013 على خدمة الخرائط ويز (Waze) مقابل 1.3 مليار دولار أميركي غريباً، وهي خدمة تقدم معلومات موثوقة في الوقت الفعلي حول الازدحام المروري على الطرقات، وتزوّد أصحاب السيارات ووسائل النقل بتحديثات حول متوسط أوقات السفر من نقطة إلى أخرى.
تستفيد أيضاً شركة أوبر من البيانات الضخمة لتعرف أين يمكن أن يوجد أكبر عدد ممكن من العملاء وتوظيف سائقين في هذه الأماكن، كما تستخدم البيانات لتجعل سياراتها قادرة على تجنب الازدحام والوصول إلى وجهتها في أسرع وقت، ما يجعل العملاء راضين عن الخدمة.
اقرأ أيضاً: أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال النقل
البيانات الضخمة في الزراعة
كما هو الحال مع النقل، تعتبر الزراعة قطاعاً يتضمن الكثير من العوامل المتغيرة، ويؤدي التنبؤ بهذه العوامل إلى تحسين الإنتاج والتوقعات. لكن لا يطبق تحليل البيانات الضخمة على نطاق واسع في الزراعة حتى الآن، ولا يزال في مرحلة مبكرة من التطور.
يستطيع المزارعون استخدام تطبيقات البيانات الضخمة والخوارزميات للتغلب على حالة عدم اليقين المتعلقة بالظروف المناخية والبيئية، والتنبؤ بأوقات نمو النباتات والطلب على المنتجات الزراعية. وكلها عوامل مهمة وضرورية وتؤدي دوراً في تحسين الإنتاج الزراعي.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تطوير الزراعة التقليدية؟
البيانات الضخمة في المؤسسات الحكومية
تستفيد المؤسسات الحكومية من البيانات الضخمة في عدة مجالات، من خلال جمع بيانات السكان، يمكن التنبؤ باحتياجات كل تجمع سكاني بدقة، سواء كان مدينة أو بلدة أو قرية، بهذه الطريقة، تستطيع الحكومة توفير الموارد التي يحتاجها السكان، مثل الكهرباء والوقود والمياه، كما تستطيع التنبؤ باحتياجات السكان في المستقبل، وتكون قادرة على وضع ميزانية وخطط حكومية واقعية وقابلة للتحقيق.
تستفيد وكالات إنفاذ القانون أيضاً من البيانات الضخمة لتعزيز الأمن والاستقرار، على سبيل المثال، يمكن البحث عن المطلوبين للعدالة من خلال تحليل الصور والفيديوهات التي تلتقطها كاميرات المراقبة.
اقرأ أيضاً: الحكومة الرقمية: التفكير بشكل رقمي في كافة مكونات وأقسام الحكومات
البيانات الضخمة في الرعاية الصحية
في الماضي، كانت كل عيادة طبية أو مستشفى فيها خزائن للملفات الطبية الخاصة بالمرضى، وحين يحتاج الطبيب لأي ملف، عليه البحث فيها لمدة طويلة، الآن تغير كل ذلك، حيث يمكن تخزين ملفات ملايين المرضى على حاسوب واحد والبحث عن أي ملف وإيجاده خلال ثوانٍ.
لا تساعد الملفات المخزّنة رقمياً في توفير المساحة داخل العيادة والوصول السريع إلى الملفات فحسب، بل يمكن استخدامها للحصول على معلومات سريرية مهمة. على سبيل المثال، حين يتبين أن مجموعة من المرضى في منطقة جغرافية معينة يعانون من نفس الأعراض، قد يشير ذلك إلى انتشار مرض جديد، ما يدفع السلطات إلى اتخاذ قرارات للحد من انتشاره إذا كان معدياً، أو القضاء على السبب إذا كان ناجماً عن وجود مادة سامة أو ضارة بالصحة.
اقرأ أيضاً: استعمال تحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في محاربة وباء كورونا
البيانات الضخمة في الأمن السيبراني
أصبحت الهجمات السيبرانية متطورة وكثيرة العدد لدرجة يصعب على البشر الإلمام بها أو تجنبها، هنا يأتي دور البيانات الضخمة التي تتضمن معلومات دقيقة حول معظم الهجمات التي تمت في الماضي. بفضل هذه البيانات، تستطيع أدوات الأمن السيبراني مثل برامج مكافحة الفيروسات وجدار الحماية أن تتعرف على الهجمات المحتملة، وتساعد الأفراد والشركات على تجنب عمليات الدخول غير المصرح بها والتسلل والاختراق من خلال مراقبة السلوك، كما تستطيع تحليل النصوص التي تصل عبر البريد الإلكتروني وتطبيقات المراسلة للكشف عن أي سلوك احتيالي.
اقرأ أيضاً: كيف يتم توظيف الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن السيبراني؟
لهذا السبب، نجد أن جميع شركات الأمن السيبراني تملك قواعد بيانات كبيرة، وتسعى دائماً إلى تحديث هذه القواعد وتوسيعها باستمرار، وتطوير أدوات أكثر دقة لتحليلها.