كيف يمكن للمؤسسات التعليمية الاستفادة من البيانات الضخمة؟

5 دقائق
كيف يمكن للمؤسسات التعليمية الاستفادة من البيانات الضخمة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ whiteMocca

البيانات الضخمة مصطلح يستخدم لوصف مجموعات البيانات الكبيرة والمتنامية باستمرار، والتي يتم جمعها من قبل جميع أنواع المؤسسات والشركات، حيث يستخدم العلماء والمهندسون مناهج كمية ونوعية لاستخراج هذه البيانات وتحليلها وهيكلتها لاكتساب رؤى تمكّن القادة من اتخاذ قرارات أفضل، للسماح بالتنبؤ ومعرفة سلوك الناس وتطوير حلول جديدة.

في قطاع التعليم يمكن أن تساعد البيانات الضخمة (Big Data) الجامعات والكليات والمعاهد التعليمية على تغيير نماذج أعمالها بشكل كبير، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للرؤى المستمدة من البيانات الضخمة أن تساعد المؤسسات التعليمية على تحسين أنظمتها التكنولوجية. فكيف يتم استخدام البيانات الضخمة في القطاع التعليمي؟

قيمة البيانات الضخمة في التعليم

تعتبر كمية البيانات التي يتم إنشاؤها كمية هائلة ويتزايد حجمها يومياً. وفقاً للإحصائيات وصلت كمية البيانات المنتجة عالمياً في عام 2020 إلى 64 زيتابايت، ومن المتوقع أن تصل إلى أكثر من 180 زيتابايت بحلول عام 2025، ويعد قطاع التعليم من أهم القطاعات التي لها دور كبير في الاستفادة من هذه الطفرة المتزايدة في البيانات التي يتم إنتاجها.

اقرأ أيضاً: ما هي البيانات الضخمة وما مجالات تطبيقها وآفاقها المستقبلية؟

حيث من المتوقع أن تعمل البيانات الضخمة على تغيير عملية التعلم، والمساعدة في بناء مناهج فريدة مخصصة للطلاب. وباستخدام البيانات الضخمة في التعليم، يمكن للمؤسسات التعليمية تحسين عملية اكتساب المعرفة ومشاركتها وتبادلها، حيث تؤدي هذه العملية إلى تحقيق إنجاز أعلى بحيث يتمكن الطلاب من الوصول إلى مزيد من المعلومات بتنسيق مصمم لمتطلباتهم.

علاوة على ذلك، يمكن للمعلمين استخدام البيانات الضخمة لتحسين تصميم المواد الدراسية، ومساعدة الطلاب على التعامل مع المشكلات والقضايا المحددة التي قد يواجهونها، من خلال بناء تجربة معرفية دراسية مخصصة باستخدام المواد الرقمية وتخطيط الدورات بشكل أفضل.

اقرأ أيضاً: ما فوائد واستخدامات إنترنت الأشياء في التعليم؟

كيف يمكن للمؤسسات التعليمية الاستفادة من البيانات الضخمة؟

نظراً لأن الشركات تتعامل مع الكثير من البيانات المتعلقة بموظفيها وشؤونها المالية والعملاء، يتعين على المؤسسات التعليمية أيضاً التعامل مع بيانات الطلاب، فمع تسجيل آلاف الطلاب في العديد من المعاهد كل عام في مجموعة متنوعة من الدورات، يتم إنشاء كمية هائلة من البيانات، وبتحليلها يمكن تعديل نظام التعليم بأكمله، من خلال:

تسهيل عملية صنع القرار

يمكن استخدام البيانات الضخمة بشكل فعّال لمعالجة المعلومات، والدخول إلى قاعدة البيانات بحيث يمكن الوصول إليها وتحليلها بسهولة ويسر. على سبيل المثال، بعد انتهاء الفصل الدراسي، يمكن مقارنة نتائج الطلاب وتحليلها لتوضيح مناطق الضعف والقوة للفصل الدراسي بأكمله، ولكل طالب على حدة، ثم بناءً على النتيجة المستخلصة يمكن اختيار اتجاهات تطوير المقررات الدراسية وأساليب التدريس بطريقة تفيد جميع الطلاب.

اقرأ أيضاً: ما أبرز استخدامات التكنولوجيا الحديثة في التعليم؟

تحسين نتائج الطلاب

تتمثل أكثر الطرق شيوعاً لتحليل أداء الطالب في درجاته التي حصل عليها في الاختبارات والمشروعات والواجبات، ولكن أيضاً يمكن تجميع كل هذه الدرجات وتحليلها للمساعدة على فهم سلوك الطالب وأدائه، باستخدام البيانات الضخمة، ومن الممكن الحصول على:

  • وقت الاستجابة لأسئلة الامتحان.
  • المصادر التي يختارها الطلاب لإنجاز واجباتهم.
  • الأسئلة التي يتخطونها.
  • الأسئلة التي أجابوا عنها بنجاح.

حيث يساعد التحليل في الوقت الفعلي في تزويد الطالب بمزيد من الملاحظات لتحسين أدائه، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تحسن نتائجه في نهاية العام الدراسي بشكل ملحوظ، ما يوفر فهماً أفضل لسلوكيات الطالب ويساعد في إنشاء بيئة تعليمية مثالية.

نظام تصنيف أفضل

تقوم البيانات الضخمة بما هو أكثر من مجرد حل المشكلات قصيرة المدى، حيث يمكنها المساعدة في تحديد مستقبل الطالب على المدى الطويل، حيث إن معظم الطلاب لا يعرفون أو يتصورون دورهم المستقبلي في المجتمع، ولكن مع توصيات البيانات الضخمة، يمكن للطلاب فهم الأدوار والقطاعات الوظيفية المستقبلية المحتملة التي تتناسب مع قدراتهم وتفضيلاتهم الشخصية بشكل أفضل.

اقرأ أيضاً: ما الدروس المستفادة من تجربة الإمارات في استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم؟

على سبيل المثال، استخدمت مدرسة آشفورد في المملكة المتحدة أدوات البيانات الضخمة لتحليل أداء طلابها، حيث ساهمت هذه التطبيقات بمراقبة أداء وسلوك الطلاب في الوقت الفعلي، ما سمح للمدرسة بتحسين أداء الطلاب وتقديم حلول تعليمية أفضل لهم، وتنفيذ خطط دراسية أكثر فاعلية اعتماداً على أداء الطلاب واهتماماتهم.

تقليل عدد الطلاب المتسربين

يترك تسرب الطلاب تأثيراً سلبياً على المؤسسات التعليمية نفسها، فكلما زاد عدد الطلاب المتسربين، قلت أرباح المؤسسة التعليمية وقل الدعم المالي الحكومي. في هذه الحالة يمكن استخدام البيانات الضخمة لتحليل مشاركة الطلاب في مجموعة متنوعة من الأنشطة، من خلال مراقبة تكرار زيارة الطالب للمؤسسة التعليمية، وتقييم أدائه في الأنشطة المتنوعة بمساعدة بطاقات التعريف الشخصية.

ومن ثم في حالة انخفاض مشاركة الطالب، يمكن للمسؤولين تحديد السبب وتقديم المساعدة. يساعد مثل هذا التحليل أيضاً المسؤولين على تنفيذ تحليل سيناريو لدورة معينة قبل تقديمها، حيث يمكن أن يساعد بشكل كبير في توجيه الطلاب نحو الدورة التدريبية التي تناسبهم بشكل أفضل.

اقرأ أيضاً: التحول الرقمي في التعليم العالي: كيف تستفيد الجامعات من التكنولوجيا الحديثة؟

تحسين انتباه الطلاب أثناء الحصص الدراسية

من أكثر تطبيقات البيانات الضخمة إثارة للاهتمام وفائدة في التعليم هي عملية تحسين جذب انتباه الطالب، ففي بعض الأحيان وبغض النظر عن مدى أهمية المحاضرة، سيكون هناك دائماً بعض الطلاب غير المنتبهين الذين ينشغلون بالنظر إلى هواتفهم أو إلى الآخرين، لكن المحاضرة لا يمكن أن تكون فعّالة إلا إذا انتبه وشارك الجميع فيها.

من أجل ذلك يخطط خبراء البيانات الضخمة لاستخدام البيانات الحيوية للطلاب، مثل معدل ضربات القلب وتعبيرات الوجه، التي يمكن التقاطها أثناء المحاضرة عبر كاميرا مثبتة في السقف، أو جهاز قابل للارتداء، ثم استخدام هذه البيانات لتحليل مدى انتباه كل طالب، وإرسال البيانات مرة أخرى إلى المحاضر الذي يمكنه اتخاذ الخطوات اللازمة لاستعادة انتباه طلابه.

اقرأ أيضاً: أهم تطبيقات واستخدامات الذكاء الاصطناعي في التعليم

تحسين التقييم التربوي

تساعد البيانات الضخمة المحاضرين في تقييم محتوى الدورة التدريبية الخاصة بهم، من خلال توفير ملاحظات غير متحيزة حول هيكل وتصميم المقرر الدراسي، والمساعدة على فهم مدى كفاءة أساليب التدريس الخاصة بهم، ومن خلال هذه المعلومات المحسّنة، يصبح المحاضرون أكثر قدرة على تحديد نقاط الضعف لدى طلابهم في المراحل المبكرة وتخطيط الدورات الدراسية بشكل أفضل لمعالجة هذه المشكلات.

بالإضافة إلى ذلك يمكن للبيانات الضخمة تحليل مدى تعقيد وصعوبة المقرر الدراسي ومواده لكل طالب على حدة، وذلك من خلال ربط كل من محتوى الدورة مع قدرات الطالب ونقاط القوة والضعف لديه. وباستخدام هذه المعرفة، يمكن للمحاضرين إنشاء برامج مخصصة تضمن حصول الطالب على المعرفة التي يحتاج إليها بطريقة تمكنه من استيعابها بشكل أفضل.

التحديات التي تواجه إدماج البيانات الضخمة في التعليم

قلة المواهب

في حين أن هناك طلباً هائلاً على خبراء البيانات ذوي الخبرة، فإنه ببساطة لا يوجد ما يكفي من العرض، ولم تتم معالجة هذا النقص من قبل معظم الجامعات الكبرى، حيث لا تزال برامج علوم البيانات غير متوفرة أو محدودة، وهذا يعني أن العديد من المؤسسات التعليمية لن تتمكن من الاستفادة من البيانات الضخمة التي لديها لتحسين عملياتها التشغيلية.

اقرأ أيضاً: كيف يتم توظيف الويب 3.0 في تحسين التعليم؟

التخزين وقابلية التوسع

يتجاوز حجم البيانات التي يتم إنشاؤها قوة المعالجة لأدوات البيانات الضخمة التي يمكن الوصول إليها حالياً، ومن ثم يمكن أن يتسبب هذا في مشكلات كبيرة، ويجبر الأنظمة على التعطل أو الإبطاء، ما يؤدي إلى تجربة سلبية وتقليل جودة التحليل.

الحماية والأمان الرقمي

حتى الآن لم يتم إنشاء بروتوكولات الأمان الرقمي لعالم البيانات الضخمة، وتلك الموجودة تحتاج إلى إعادة صياغة لمراعاة حجم البيانات التي تستخدمها البيانات الضخمة في تحليلها، وفي حين أن البيانات الأكاديمية قد لا تعتبر حساسة مثل البيانات الصحية أو المالية، إلا أنه يمكن استخدام بيانات الطلاب للوصول إلى أنظمة أخرى، ما يشكل خطورة كبيرة على خصوصيتهم في حالة عدم حمايتها بشكل أفضل.

اقرأ أيضاً: التعليم بالذكاء الاصطناعي: الصين تطلق تجربة كبرى قد تغير من أساليب التعليم في العالم

ختاماً، تتزايد قيمة البيانات الضخمة في قطاع التعليم مع تطور التكنولوجيا نفسها، ومع ذلك، فإن النتائج الملموسة من استخدامها في هذا القطاع تعتمد بشكل كبير على مستوى النضج ومدى استعداد المؤسسات التعليمية في اعتمادها، والتي من شأن تنفيذها الصحيح أن يعمل على تعزيز عملية صنع القرار التي تعتمد على البيانات في التعليم، ما يساهم في نمو المؤسسة التعليمية ونجاحها.

المحتوى محمي