هناك الكثير من حالات الطوارئ التي يمكن أن تحدث على الطرقات. معظم هذه الحالات تستدعي وصول سيارات الإسعاف إلى مكان الحادث بسرعة كبيرة، لكن يمكن أن يؤثر الازدحام في الشوارع على سرعة وصولها، وفي بعض الحالات يكون التأخر لعدة دقائق قاتلاً، ويتسبب في خسارة أرواح كان من الممكن إنقاذها في حال وصول الإسعاف بالوقت المناسب.
يعتقد الخبراء أنه يمكن زيادة معدل نجاة ضحايا حوادث الطرق بنسبة تصل إلى 40٪ إذا تم تقديم العلاج لهم أسرع بأربع دقائق فقط من المتوسط. من هنا جاءت فكرة شركة فورد الأميركية لصناعة السيارات، والتي عملت على تطوير "إشارات مرور ذكية" ميزتها الرئيسية أنها يمكن أن تتحول إلى اللون الأخضر عند مرور سيارات الطوارئ. هذا الأمر يؤدي إلى فتح الطرقات أمام سيارات الطوارئ وجعلها قادرة على إيصال المصابين والمرضى بسرعة أكبر إلى المستشفيات.
ليست هذه التقنية مفيدة لمساعدة سيارات الطوارئ على الوصول إلى المستشفيات بسرعة فقط، بل يمكن أن تستخدم لتسهيل مرور سيارات الإطفاء والشرطة أيضاً، ما يساعد في تحسين وقت الاستجابة للحرائق، ويجعل عملية إنفاذ القانون في المدن المزدحمة أكثر فعالية.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يساعد على تغيير قواعد التفتيش الأمني في المطارات
ليس هذا فحسب، يمكن أن تساعد هذه الإشارات في تقليل مخاطر تعرض سيارات الإسعاف أو الإطفاء أو الشرطة للحوادث عندما تُضطر لتجاوز الإشارات الحمراء بأقصى سرعة. والأرقام تتحدث عن نفسها، ففي العاصمة البريطانية لندن، تتعرض سيارات الإسعاف لـ 6 حوادث في اليوم، وفي ألمانيا، وقعت 39٪ من حوادث سيارات الإسعاف عند التقاطعات عندما كانت إشارة المرور حمراء.
كيف تعمل إشارات المرور الذكية؟
أوضح مارتن سومر، مهندس الأبحاث في فورد أوروبا: "سواء كانت سيارة إطفاء في طريقها إلى حريق أو سيارة إسعاف في طريقها إلى مكان وقوع حادث، فإن آخر شيء يريده أي شخص هو أن يعلق هؤلاء السائقين بين السيارات الأخرى التي تنتظر تغيّر أضواء الإشارة".
ستكون إشارات المرور الذكية قادرة على جمع البيانات من السيارات الموجودة على الطرقات وتبادل هذه البيانات فيما بينها، وحين تكون هناك حالة طوارئ، مثل سيارة إسعاف تتجه لمكان حادث، ستقوم هذه الإشارات بالتحول إلى اللون الأخضر لإبعاد السيارات العادية التي توجد على خط سير سيارة الإسعاف، وفي نفس الوقت، ستقوم إشارات أخرى بالتحول للون الأحمر لمنع السيارات من الوصول إلى خط سير سيارة الإسعاف.
اقرأ أيضاً: كيف تساعد إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي في رسم ملامح المدن الذكية؟
في الاختبارات التي قامت شركة فورد بإجرائها على الطرقات بمدينة آخن الألمانية، تحولت الإشارات الذكية عند التقاطع إلى اللون الأخضر عند مرور سيارة الاختبار (سيارة فورد كوجا هجينة). وبعد عبور السيارة للتقاطع، عادت إشارات المرور إلى وضعها الطبيعي.
يعتمد كل ذلك على الاتصال بين السيارات وإشارات المرور، والتي تم تطويرها بواسطة منصة "سي-في تو إكس" (C-V2X)، وهي منصة موحدة تربط السيارات مع البنية التحتية في الطرق مثل إشارات المرور ومحطات الوقود وأماكن الوقوف، بالإضافة إلى ربطها مع السيارات الأخرى.
قال مايكل راينارتز، وهو مدير خدمات المستهلك والابتكار في شركة فودافون ألمانيا: "يسهم تبادل البيانات بين السيارات ومركبات الطوارئ وإشارات المرور في الوقت الفعلي باستخدام أحدث تقنيات الاتصال في جعل حركة المرور على الطرق أكثر أماناً وكفاءةً. ويساعد التحكم الذكي في إشارات المرور بإنقاذ الأرواح عندما تكون كل ثانية مهمة، كما يقلل من فترات الانتظار غير الضرورية ويخفف من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون".
اقرأ أيضاً: لماذا لا تزال السيارات ذاتية القيادة بحاجة إلى إشراف بشري؟
بالنسبة للسيارات التي تتجه إلى إشارة مرور حمراء، يمكن أن تساعد هذه الإشارات في تخفيض سرعة السيارة بشكلٍ تلقائي ما يقلل خطر الفرملة المفاجئة والوقت الذي تقضيه السيارة في حالة التوقف التام، حيث تريد الشركة أن تكون السيارات قادرة على التواصل بشكلٍ مباشر مع كل إشارات المرور على الطريق والتنبؤ بمتى تكون الإشارات حمراء من أجل خفض سرعتها قبل مسافة بعيدة كي تصل للإشارة حين تكون خضراء ولا تضطر للتوقف.