أصبحت بوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحظى بشعبية كبيرة هذه الأيام، ويعود ذلك إلى القدرات الرهيبة التي أظهرها بوت الدردشة تشات جي بي تي (ChatGPT) الذي طوّره مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي أوبن أيه آي (OpenAI)، لدرجة أن الكثير من الخبراء توقعوا أن تغيّر هذه البوتات شبكة الإنترنت بالكامل، كونها قادرة على تقديم إجابات عن أي سؤال بشكلٍ أفضل وأسهل من محركات البحث.
بعد فترة قصيرة من نجاح بوت تشات جي بي تي والتغطية الإعلامية الكبيرة التي حظي بها، أعلنت شركة جوجل الأميركية عن بوت الدردشة بارد (Bard) الذي كانت تعمل على تطويره منذ سنوات. وبمجرد الإعلان عنه، توقع الكثيرون أن يحظى بشعبية تشات جي بي تي ويصبح بوت الدردشة الأكثر استخداماً، لكن ما لم يتوقعه أحد أن إجابة خاطئة واحدة من "بارد" ستهوي بقيمة سهم جوجل وتسبب خسارة مالية كبيرة بلغت نحو 100 مليار دولار أميركي.
اقرأ أيضاً: ما هو تشات جي بي تي (ChatGPT)؟ وهل سيزلزل عرش جوجل ويهدد وظائف البشر؟
كيف حصل ذلك؟
شعرت جوجل بالقلق من الشراكة والتعاون بين مايكروسوفت وأوبن أيه آي، حيث أصبح محرك البحث بينغ (Bing) التابع لمايكروسوفت، والذي يعتبر المنافس الرئيسي لجوجل، مدعوماً بمزايا تشات جي بي تي.
لذلك، كان من الضروري تقديم بوت "بارد" بأسرع ما يمكن واستعراض قدراته حتى يثق الناس بقدرة جوجل على منافسة مايكروسوفت وتشات جي بي تي.
في بث مباشر، طُلب من "بارد" شرح اكتشافات تلسكوب جيمس ويب الفضائي لفتى يبلغ من العمر 9 سنوات. فهم البوت السؤال بدقة وقدم إجابة من 3 نقاط، كانت النقطتان الأولى والثانية صحيحتين، لكن النقطة الثالثة فيها خطأ فادح، حيث ادعى البوت أن تلسكوب جيمس ويب الفضائي هول أول تلسكوب يلتقط صوراً لكوكب خارج المجموعة الشمسية، بينما الحقيقة أن التلسكوب الكبير جداً (Very Large Telescope) المعروف اختصاراً بـ (VLT) والتابع للمرصد الأوروبي الجنوبي، هو الذي التقط أول صورة لكوكب خارج المجموعة الشمسية عام 2004.
Bard is an experimental conversational AI service, powered by LaMDA. Built using our large language models and drawing on information from the web, it’s a launchpad for curiosity and can help simplify complex topics → https://t.co/fSp531xKy3 pic.twitter.com/JecHXVmt8l
— Google (@Google) February 6, 2023
كان العالم يراقب عن كثب البث المباشر، وكان من المتوقع أن يثبت "بارد" قدرات رائعة، لكن الإجابة الخاطئة زعزعت الثقة في جوجل، وسط تحليلات وتقارير تفيد بأن محرك بينغ المنافس لجوجل سيصبح أكثر شعبية لأنه مدعوم ببوت دردشة أفضل من بارد. تسبب ذلك في انخفاض سريع لقيمة سهم جوجل في مختلف البورصات، وقدّر الخبراء الاقتصاديون قيمة الخسارة الإجمالية بأكثر من 100 مليار دولار أميركي.
اقرأ أيضاً: بوت دردشة جديد من ديب مايند يعتمد على عمليات بحث جوجل وعلى البشر لتقديم إجابات أفضل
قطاع التكنولوجيا هو الأكثر تقلباً
تعود هذه الخسارة الكبيرة إلى طبيعة قطاع التكنولوجيا، الذي يعتبر واحداً من أكثر القطاعات تقلباً في العالم، وهو يعتمد بشكلٍ رئيسي على الابتكار. لذلك، الكثير من الشركات يمكن أن تفقد قيمتها ومكانتها إذا فشلت في مواكبة التقدم، وبالكاد تمكنت شركة من الاحتفاظ بمركز الصدارة. على سبيل المثال، بعد النجاح الكبير لشركتي نوكيا وموتورولا في سوق الهواتف الذكية، تراجعت مكانة الشركتين بما يكفي ليتم بيعهما لشركات أخرى. والآن، يخشى المستثمرون من أن تفقد جوجل مكانتها مع استمرار شعبية تشات جي بي تي.
اقرأ أيضاً: كيف سيحدث بوت الدردشة تشات جي بي تي ثورة في مجال الأعمال؟
هل يستطيع تشات جي بي تي الإجابة عن السؤال نفسه؟
عند طرح السؤال نفسه حول شرح اكتشافات تلسكوب جيمس ويب الفضائي لفتى يبلغ من العمر 9 سنوات، قدّم تشات جي بي تي إجابة أكثر دقة وإبداعاً، وشرح أهمية التلسكوب في البحث عن الكواكب خارج المجموعة الشمسية ودراستها، ومراقبة تشكل النجوم والمجرات، ودراسة المادة المظلمة والطاقة المظلمة، والبحث عن علامات الحياة.
لكن هذه ليست نهاية جوجل، من المتوقع أن تقوم الشركة بتحسين "بارد" في المستقبل لتقديم إجابات أكثر دقة. ومع ذلك، لا نعرف ما إذا كانت الشركة ستركّز