كيف بدت أول مسرحية ألّفها الذكاء الاصطناعي؟ منافية للمنطق نوعاً ما لكنها مذهلة

2 دقائق
أول مسرحية في العالم يؤلفها روبوت
مشهد من مسرحية "الذكاء الاصطناعي: عندما يكتب الروبوت مسرحية".

احتفالاً بالذكرى المئوية لعرض مسرحية “روبوتات روسوم العالمية” للأديب التشيكي كاريل تشابيك، التي ذُكرت فيها كلمة روبوت لأول مرة في التاريخ، عُرضت هذا الأسبوع أول مسرحية كتبها الروبوت بنفسه.

روبوت يتعرف على العواطف البشرية

في بداية الأسبوع الجاري، عُرضت على الإنترنت مسرحية حملت عنوان: “الذكاء الاصطناعي: عندما يكتب الروبوت مسرحية”. وتروي الأحداث رحلة شخصيتها الرئيسية (الروبوت)، الذي يخرج إلى العالم للتعرف على المجتمع والعواطف البشرية، بل حتى التعرف على الموت.

والمسرحية -التي بلغت مدتها 60 دقيقة- من تأليف المولد اللغوي جي بي تي-2 (GPT-2)، الذي ابتكرته شركة أوبن إيه آي (OpenAI)، وأشرف على إنتاجها باحثون من جامعة تشارلز في التشيك. وقد تم اختيار هذا التوقيت تحديداً لعرضها بمناسبة مرور 100 عام على اخترع الأخوان التشيكيان كاريل وجوزيف تشابيك كلمة روبوت.

وأشار تقرير نشرته دورية ساينس -التي تصدر عن الجمعية الأميركية لتقدم العلوم- إلى أن الباحثين زودوا نموذج جي بي تي-2 بافتتاحية مكونة من جملتين فقط من الحوار، لينتج بعدها ما يصل إلى ألف كلمة، ثم كرروا العملية لإنتاج المسرحية كاملة.

ليست كمسرحيات شكسبير

يجد الروبوت بطل المسرحية نفسه وحيداً بعد وفاة سيده فيكتور -تماماً كما في قصة فرانكنشتاين للكاتبة الإنجليزية ماري شيلي- وأن عليه أن يتعامل مع الجنس البشري وحده، فيتنقل عبر المشاهد السريالية، ليلتقي بالكثير من “النساء اللاتي يرمين أنفسهن تحت قدميه”، ويطرح أحياناً أسئلة عن الحياة والرفقة والفناء، كما لو كان في حلم سيئ، بحسب نقد صحيفة جارديان البريطانية للمسرحية.

ويرى الباحثون أن المسرحية -التي تم عرضها باللغة التشيكية مع ترجمة باللغة الإنجليزية- لا ترقى بالطبع لمستوى مسرحيات ويليام شكسبير؛ ففي بعض الأحيان تخرج الأحداث والحوارات عن تسلسلها المنطقي، وأحياناً “ينسى” الذكاء الاصطناعي أن الشخصية الرئيسية هي روبوت وليست إنساناً، كما أنه “قد يحول الذكر إلى أنثى في منتصف الحوار”، على حد قول رودولف روزا عالم اللغويات الحاسوبية في جامعة تشارلز.

مشهد من المسرحية التي كتبها الروبوت
مشهد آخر من المسرحية.
مصدر الصورة: الموقع الرسمي للمسرحية

ويرجع ذلك إلى أن النموذج لا يفهم حقاً معنى الجمل التي يكتبها، وإنما يجمع الكلمات التي تُستخدم معاً، واحدة تلو الأخرى. وكلما ازداد عدد الكلمات، أثر ذلك سلباً على منطقية النصوص التي ينتجها؛ لذا قسم الباحثون العرض إلى ثمانية مشاهد، كل منها أقل من 5 دقائق، وذلك بدلاً من السماح للنموذج بكتابة المسرحية كُلََّها مرة واحدة. كما احتوى كل مشهد على حوار بين شخصيتين فقط.

كذلك قام الباحثون بتغيير النص في بعض المقاطع؛ لتعديل الأخطاء في جنس الشخصيات أو في حالات تكرار الكلام. بيد أن روزا -الذي شارك في الإشراف على المشروع- يوضح أن 90% من النص النهائي لم يمس، وأن نسبة التدخل البشري لم تزد عن 10%.

طريقة رائعة لإظهار إمكانات الذكاء الاصطناعي

يتوقع تشاد ديشانت، خبير الذكاء الاصطناعي في جامعة كولومبيا، أن الأمر سيستغرق حوالي 15 عاماً حتى تتمكن التكنولوجيا من تأليف نص معقد ومتماسك، مثل المسرحيات، من البداية إلى النهاية. ومع ذلك، فإنه يعتقد أن التجربة لا تزال طريقة رائعة لإظهار ما يمكن للذكاء الاصطناعي فعله حالياً وإثارة حماس الناس بشأنه.

وبعد عرض المسرحية بلا جمهور، سمح الفريق المشرف على التجربة بعرضها على الإنترنت لبضعة أيام. ويتعهد بأن يعرضها مرة أخرى على مسرح شافاندا في العاصمة التشيكية براغ، عندما تسمح ظروف جائحة كوفيد-19 بذلك.

هل تتحقق النبوءة؟

في مسرحية كاريل تشابيك، التي عرضت لأول مرة عام 1921، كانت الروبوتات الشبيهة بالإنسان تبدي سعادتها بالعمل مع البشر في البداية، لكنها تمردت فيما بعد وقضت على الجنس البشري. فهل سيحقق الروبوت الذي أصبح كاتباً مسرحياً -مثل والده تشابيك- نبوءة المسرحية فعلاً؟ ربما لن نعرف الإجابة قبل 100 عام أخرى.