على مدى 20 عاماً حاولت شركة هوندا (Honda) تحويل الروبوتات الآلية من أفكار سينمائية شاهدناها في أفلام هوليوود؛ مثل روزي مدبرة المنزل في مسلسل الأطفال "ذا جتسونز" (The Jetsons)، أو الروبوت الآلي الشهير "سي ثريبو" (C-3PO) في سلسلة أفلام حرب النجوم (Star Wars)، إلى رجل آلي حقيقي متعايش مع الإنسان ويمكنه تقديم المساعدة له، وهو الروبوت أسيمو أكثر الروبوتات التي لها هيئة بشرية تقدماً. فما الذي يجعله مميزاً؟
حكاية الروبوت أسيمو
كانت أولى محاولات شركة هوندا في تطوير روبوت شبيه بالبشر عام 1986، عندما أطلقت نموذجها الأولي "إي 1" (E1)، وهو عبارة عن روبوت بقدمين فقط لمحاكاة مسير الإنسان. حملت النماذج اللاحقة من E1 إلى E6 بعض الإضافات، إلا أنها كانت تفتقد القدرة على التوازن.
في عام 1993، كان أول نموذج بشري مزوّد بجذع ورأس وذراع، وأُطلق عليه "بي 1" (P1). ساعدت إضافات المهندسين في تحسين توازن الروبوت وأضافت له وظائف جديدة، لكنه كان كبيراً إلى حد ما، إذ بلغ وزنه نحو 175 كيلوغراماً، وطوله 1.9 متر. تابع لـ "بي 1" النموذج "بي 2" (P2) عام 1996، و"بي 3" (P3) عام 1997.
اقرأ أيضاً: من الخيال إلى الواقع: أبرز التقنيات التي تنبأت بها أفلام الخيال العلمي
في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2000، طرحت هوندا تصميمها الجديد وهو الروبوت ذو الهيئة البشرية أسيمو (Asimo)، وهو اختصار لـ "خطوة متقدمة في الحركة المبتكرة" (Advanced Step in Innovative Mobility)، كتتويج لعقدين من أبحاث الروبوتات البشرية. تابعت هوندا إجراء التعديلات والتحسينات على أسيمو، وظهر الجيل الثاني منه عام 2005، ثم الجيل الأحدث والمسمى بـ "أسيمو الجديد كلياً" عام 2011، بطول 1.3 متر، ووزن 48 كيلوغراماً.
تصميم أسيمو: أوجه التشابه مع البشر
ليتمكن أسيمو من المشي والتسلق والركض بشكل متوازن درس باحثو هوندا أرجل الحشرات والثدييات وحركة متسلقي الجبال، لفهم أفضل لعلم وظائف الأعضاء والآلية التي نتحرك بها، وأضافوا له التعديلات التالية:
- أخذوا دور أصابع القدمين في توازننا أثناء المشي بعين الاعتبار، حيث زوِّد أسيمو ببروزات ناعمة على قدميه يمكنها امتصاص الضغط على المفاصل، تماماً كما تفعل الأنسجة المرنة عندما نمشي.
- زوّد أسيمو بمفاصل الورك والركبة والقدم والتي تسمح له بـ 34 درجة حرية موزعة في نقاط مختلفة من جسمه، قياساً مع حركة مفاصل الإنسان أثناء المشي على أرض مستوية وصعود السلالم والجري.
- أضاف الباحثون لأسيمو مستشعراً للسرعة وجهاز استشعار جيروسكوب لاستشعار موضع جسم أسيمو والسرعة التي يتحرك بها، وترحيل تعديلات التوازن إلى الحاسوب المركزي، وهو ما يشبه الطريقة التي تحافظ به الأذن البشرية الداخلية على توازن الجسم والتوجيه.
- يحتوي أسيمو على مستشعرات في قدميه و6 أجهزة استشعار فوق صوتية في وسطه، ما يعزز قدرته على اكتشاف الأشياء من حوله والتفاعل مع بيئته.
- زوّد أسيمو بكاميرتي فيديو في العينين ليتمكن من الرؤية، وخوارزمية رؤية خاصة ليتمكن من التعرف على الأشياء وتمييزها. كما يمكنك رؤية ما يراه في وحدة تحكم أسيمو.
اقرأ أيضاً: ما القدرات التي تميّز البشر عن الآلات الآن وفي المستقبل؟
السيطرة على أسيمو وتشغيله
على الرغم من الميزات العديدة التي يتمتع بها أسيمو، فإنه ليس رجلاً آلياً مستقلاً، فلا يمكنه اتخاذ القرارات بنفسه، بل يحتاج إلى برمجة تزوّده بعلامات ليفهمها، أو يتم التحكم به يدوياً. بشكل عام يمكن التحكم بأسيمو بإحدى الطرق التالية:
- وحدة تحكم لاسلكية (مثل عصا التحكم).
- الإيماءات.
- الأوامر الصوتية.
- باستخدام تقنية 802.11 اللاسلكية وجهاز كمبيوتر، حيث يمكن التحكم به ورؤية ما يراه.
للحصول على طاقة للتشغيل زوّد أسيمو ببطارية ليثيوم أيون 51.8 فولتاً في حقيبة ظهر قابلة للفصل، تدوم لمدة ساعة في مرة الشحن الواحدة، وتزن نحو 6 كيلوغرامات.
اقرأ أيضاً: شاومي وتسلا تنقلان سباق الروبوتات الشبيهة بالبشر إلى مستوى جديد
إمكانات الروبوت البشري
خضع أسيمو لتعديلات عديدة لتحسين وظائفه وقدراته بما يمكنه من أداء مهام محددة، مثل:
- ممارسة الرياضة، إذ يمكن لأسيمو أن يركض بسرعة 9.6 كيلومتر في الساعة، والقفز والمشي للخلف وحتى الرقص. يُذكر أن أسيمو لعب كرة القدم مع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ورقص مع رئيسة الوزراء الألمانية أنغيلا ميركل.
- حمل الأشياء مثل عبوات المرطبات وفتح الزجاجات وسكب الشراب منها.
- رسم خريطة للبيئة من حوله من خلال الكاميرات في عيونه، واستشعار الكائنات فيها.
- تحية الأشخاص المقربين، من خلال تطوير تكنولوجيا التفاعل البشري.
- التنبؤ بمسار الشخص خلال الثواني القادمة بمساعدة مستشعرات الفضاء، وتحديد فيما لو كان يجب التنحي قليلاً أو اتخاذ مسار آخر تجنباً للاصطدام.
- التعرف إلى الوجوه والأصوات ومخاطبة الناس بالاسم والتحرك في الاتجاه الذي يشيرون إليه.
- إتقان اللغتين الإنجليزية واليابانية، بالإضافة للغة الإشارة بذات اللغتين.ً
تقاعد الروبوت أسيمو
بعد 18 عاماً من الخدمة قررت شركة هوندا عام 2018 أنها لن تواصل تطوير أسيمو. وفقاً لما أشارت له مجلة "نيكي أيجان ريفيو" (Nikkei Asian Review)، ستحول هوندا تركيزها لاستخدام تقنيات أسيمو لتطوير روبوتات أخرى لكنها لن تحمل اسم أسيمو.
أما فيما يتعلق بالخطوة التالية لهوندا في مجال الروبوتات، أعلنت الشركة ضمن معرض "سي إي إس 2018" (CES 2018) عن مجموعتها الرباعية من الروبوتات المساعدة، والتي تتألف من:
- روبوت مرافق.
- مركبة ذاتية القيادة على الطرق الوعرة.
- مفهومان للتنقل.
اقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن الروبوت لايكا غو؟
قد لا نتمكن من رؤية الروبوت أسيمو الودود بعد الآن، لكن تستمر هوندا بإرثها من الروبوتات في إذهالنا.