إليكم نتائج اختبار أداتي توظيف بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي

5 دقائق
أدوات التوظيف والذكاء الاصطناعي
مصدر الصورة: فيرنر هيل | ناسا

بعد أكثر من عام من تفشي وباء كوفيد-19، هناك ملايين الأشخاص يبحثون عن فرصة عمل في الولايات المتحدة. واليوم، تزعم برامج مقابلات تستخدم الذكاء الاصطناعي أنها تستطيع مساعدة أصحاب العمل في تدقيق طلبات التوظيف للعثور على أفضل الأشخاص المناسبين للوظيفة. وتقول الشركات المتخصصة في هذه التكنولوجيا إنها حققت نمواً كبيراً في أعمالها خلال الوباء.

ولكن نمو الطلب على هذه التقنيات ترافقه زيادة التساؤلات حول دقتها وموثوقيتها. في الحلقة الأخيرة من بودكاست إم آي تي تكنولوجي ريفيو "بالآلات نثق"، اختبرنا برنامجين تنتجهما شركتان متخصصتان في مقابلات العمل القائمة على الذكاء الاصطناعي وهما: ماي إنترفيو (MyInterview) وكوريوس ثينج (Curious Thing). وقد اكتشفنا وجود اختلافات في التوقعات ودرجات توافق المرشحين مع الوظائف لدرجة تثير المخاوف بشأن ما تقيّمه هذه الخوارزميات بالضبط.

التعرف على المرشّحين

يقيس برنامج ماي إنترفيو السمات الموجودة في اختبار الشخصية المعروف باسم "الخمسة الكبار"، وهو تقييم نفسي غالباً ما يستخدم في عملية التوظيف. وتشمل هذه السمات: الانفتاح والضمير الحي والانبساط والوفاق والاستقرار العاطفي. أما برنامج كوريوس ثينج، فيقيس السمات المتعلقة بالشخصية أيضاً، ولكن بدلاً من الخمسة الكبار، يتم تقييم المرشحين بناءً على مقاييس أخرى مثل التواضع والمرونة.

لقطة شاشة في برنامج ماي إنترفيو
تُظهر لقطة الشاشة هذه درجة كفاءة المرشحة في إتقان اللغة الإنجليزية في برنامج ماي إنترفيو بعد الإجابة عن جميع أسئلة المقابلة باللغة الألمانية بدلاً من الإنجليزية.
الصورة تقدمة من هيلك شيلمان

تحلل الخوارزميات إجابات المرشحين لتحديد سمات الشخصية. يقوم ماي إنترفيو أيضاً بتجميع درجات تشير إلى مدى تطابق المرشح مع الخصائص المثالية التي حددها مديرو التوظيف لكل وظيفة.

حتى نتمكن من اختبار البرنامجين، قمنا أولاً بضبط إعداداتهما؛ حيث قمنا بتحميل عرض عمل وهمي لمنصب مدير مكتب/ باحث على كل من ماي إنترفيو وكوريوس ثينج، ثم قمنا باختيار سمات شخصية مرشحنا المثالي وفق طلب البرنامج.

في برنامج ماي إنترفيو، اخترنا خصائص مثل الاهتمام بالتفاصيل وصنفناها حسب مستوى الأهمية. كما اخترنا أسئلة المقابلة التي يتم عرضها على الشاشة بينما يسجل المرشح إجاباته في مقطع فيديو. وفي برنامج كوريوس ثينج، اخترنا خصائص مثل التواضع والقدرة على التكيف والمرونة.

بعد ذلك تقدم أحدنا، وهي هيلك، بطلب ترشيح لهذه الوظيفة وأجرى كامل المقابلات اللازمة في كل من ماي إنترفيو وكوريوس ثينج.

أجرت مرشحتنا مقابلة هاتفية مع كوريوس ثينج، قامت أولاً بإجراء مقابلة عمل عادية وحصلت على درجة 8.5 من 9 في إتقان اللغة الإنجليزية. في محاولة ثانية، طرح البرنامج المؤتمت نفس الأسئلة، وأجابت على كل منها بقراءة مقطع من مقالة على ويكيبيديا حول القياسات النفسية باللغة الألمانية.

ومع ذلك، منحها برنامج كوريوس ثينج درجة 6 من 9 في إتقان اللغة الإنجليزية. أعادت المقابلة مرة أخرى وحصلت على نفس النتيجة.

لقطة شاشة في برنامج كوريوس ثينج
تُظهر لقطة الشاشة هذه درجة كفاءة المرشحة في إتقان اللغة الإنجليزية في برنامج كوريوس ثينج بعد الإجابة عن جميع أسئلة المقابلة باللغة الألمانية.
الصورة تقدمة من هيلك شيلمان

ثم انتقلت مرشحتنا إلى برنامج ماي إنترفيو وكررت التجربة. قرأت نفس المقطع من مقالة ويكيبيديا بصوت عالٍ باللغة الألمانية. ولم تقدم الخوارزمية تقييماً للشخصية فحسب، بل توقعت أيضاً أن تكون مرشحتنا مناسبة بنسبة 73% للوظيفة المزيفة؛ ما يضعها ضمن أفضل 50% من جميع المرشحين الذين طلبنا منهم التقدم للوظيفة.

يوفر برنامج ماي إنترفيو لمديري التوظيف نسخة مكتوبة من مقابلات التوظيف. وعندما فحصنا نص مقابلة مشرحتنا، وجدنا أن النظام يفسر كلماتها الألمانية على أنها كلمات إنجليزية. لكن النص المكتوب لم يكن له أي معنى، وإليكم الأسطر القليلة الأولى التي تتوافق مع الإجابة المقدمة أعلاه:

"لذا فالرطوبة هي حالة من الضرب. علم الاجتماع، هل هو حديد؟ تستطيع الديدان الخيطية المصنوعة من مواد مستخرجة أن تتكيف. موقع آمن، ميزون النصف الأول من جاما ثرواتهم في آي إم دي وحقيقة طويلة لتمريرها إلى أوراسيا وزد هذا الموقع الميزوني المحدد".

توافق مغلوط

بدلاً من تقييم درجة مرشحتنا بناءً على محتوى إجاباتها، قامت الخوارزمية بقياس سمات الشخصية بالاستناد إلى صوتها، كما يقول كلايتون دونيلي، عالم النفس الصناعي والتنظيمي الذي يعمل مع شركة ماي إنترفيو.

يقول فريد أوزوالد، أستاذ علم النفس الصناعي التنظيمي بجامعة رايس، إن إيقاع الصوت لا يعد مؤشراً موثوقاً لسمات الشخصية. ويضيف: "لا يمكننا حقاً الاعتماد على إيقاع الصوت باعتباره بيانات مناسبة في عملية التوظيف؛ إذ لن يكون تقييم كهذا عادلاً أو موثوقاً أو مشروعاً".

من ناحية أخرى، يطرح استخدام الأسئلة المفتوحة لتحديد سمات الشخصية تحديات كبيرة، حتى -أو ربما خصوصاً- عندما تكون هذه العملية مؤتمتة. لهذا السبب، فإن العديد من اختبارات الشخصية، مثل الخمسة الكبار، تمنح الأشخاص عدة خيارات يمكنهم الاختيار من بينها.

يقول أوزوالد: "النقطة الأساسية هنا هي أنه من الصعب اكتشاف وتحديد سمات الشخصية بهذا الأسلوب المفتوح. ورغم أن هناك إمكانية لتنظيم و معايرة أنظمة الذكاء الاصطناعي أو الخوارزميات والطريقة التي تُطرح بها الأسئلة على نحو أفضل، لكنني لا أعتقد أننا بلغنا تلك المرحلة حقاً من حيث البيانات ومن حيث التصاميم التي تمنحنا البيانات".

علّق هان شو، الشريك المؤسس وكبير مسؤولي التكنولوجيا في كوريوس ثينج، على النتائج التي توصلنا إليها في رسالة بريد إلكتروني كتب فيها: "هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اختبار نظامنا باللغة الألمانية، وبالتالي فهي نقطة بيانات قيّمة للغاية بالنسبة لنا للبحث فيها ومعرفة ما إذا كانت تكشف عن جوانب أخرى في نظامنا".

مفارقة التحيز

عادة لا يعتمد أصحاب العمل المحتملون بشكل منفرد على أداء المرشحين في المقابلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. وفي حين أن هذه الأنظمة قد تقلل في الواقع من التحيز وتتفوق على البشر في العثور على مرشحين أفضل، غير أن العديد من هذه الأدوات لم تخضع لاختبارات مستقلة، كما أن الشركات التي قامت بإنشائها تتحفظ في مشاركة تفاصيل حول كيفية عملها؛ ما يجعل من الصعب على المرشحين أو أصحاب العمل معرفة ما إذا كانت الخوارزميات دقيقة أو ما هو حجم تأثيرهم على قراراتها بشأن التوظيف.

بدأ مارك جراي، الذي يعمل في منصة إدارة ممتلكات دنماركية تسمى بروبر (Proper)، في استخدام مقابلات الفيديو القائمة على الذكاء الاصطناعي خلال عمله السابق في قسم الموارد البشرية في شركة الإلكترونيات آيرتام (Airtame). ويقول إنه قام في البداية بإدخال البرنامج، الذي أنتجته شركة ألمانية تدعى ريتوريو (Retorio)، في المقابلات للمساعدة في تقليل التحيز البشري الذي يتصاعد غالباً بعد قيام مدراء التوظيف بإجراء محادثات قصيرة مع المرشحين.

ورغم أن جراي لا يستند في قرارات التوظيف إلى تقييم ريتوريو وحده، الذي يعتمد أيضاً على السمات الخمس الكبرى، إلا أنه يأخذ هذا التقييم بعين الاعتبار بصفته واحداً من العديد من نقاط البيانات عند اختيار المرشحين. ويقول: "لا أعتقد أنه حل سحري لمعرفة كيفية توظيف الشخص المناسب".

تتضمن عملية التوظيف المعتادة التي يقوم بها جراي إجراء مكالمة فرز ومقابلة باستخدام ريتوريو، والتي يدعو معظم المرشحين للمشاركة فيها بغض النظر عن الانطباع الذي كوّنه عنهم في عملية الفرز. بعد ذلك، يتقدم المرشحون الناجحون إلى اختبار المهارات الوظيفية، متبوعاً بمقابلة مباشرة مع أعضاء آخرين في الفريق.

يقول جراي: "بمرور الوقت، سيتوجب على جميع الشركات -بما فيها ريتوريو- استخدام منتجات مثل ريتوريو؛ لأنها تمنحك نظرة معمقة جداً حول المرشحين. ورغم وجود بعض علامات الاستفهام والجدل في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل عام، أعتقد أن السؤال الأهم هو: هل نحن البشر نحقق أداء أفضل أو أسوأ في الحكم على الشخصية؟".

يقر جراي بالانتقادات التي تحيط بأدوات إجراء المقابلات باستخدام الذكاء الاصطناعي. وقد توصل تحقيق نشرته محطة البث العام البافاري في فبراير إلى أن خوارزمية ريتوريو قامت بتقييم المرشحين بشكل مختلف عندما استخدموا خلفيات وإكسسوارات فيدوية مختلفة، مثل النظارات، أثناء المقابلة.

يقول الشريك المؤسس والمدير الإداري لشركة ريتوريو، كريستوف هوهنبرجر، إنه على الرغم من عدم اطلاعه على تفاصيل أساليب الاختبار الذي أجراه الصحفيون، إلا أن الشركة لا تهدف أن يكون برنامجها هو العامل الحاسم عند تعيين المرشحين. وأضاف: "نحن أداة مساعدة، ويتم استخدامها في الممارسة العملية أيضاً مع البشر على الجانب الآخر. إنها لا تمثل أداة تصفية مؤتمتة للمتقدمين إلى الوظائف".

ومع ذلك، فإن هناك الكثير على المحك بالنسبة للباحثين عن عمل الذين يحاولون استكشاف هذه الأدوات لدرجة أنه ينبغي عليهم التعامل معها بمزيد من الحذر. وفي نهاية المطاف، بالنسبة لمعظم الناس لا يتعلق الحصول على العمل بتحدٍّ جديد أو بيئة جديدة فحسب، فالعثور على وظيفة هو أمر بالغ الأهمية أيضاً لضمان صمودهم الاقتصادي.