أخيراً استطاع جهاز المسح الحدقي تمييز مقل العيون الميتة عن الحية

3 دقائق

تجري أحداث الفيلم الذي يحمل اسم "ديموليشن مان (رجل الدمار)" والذي صدر عام 1993 في فترة مستقبلية تخيلية من ثلاثينيات القرن الحالي، والتي يتمكن فيها الناس من الوصول إلى أي شيء تقريباً عن طريق عمليات مسح قزحية العين (الحدقة)، ثم يؤدي ذلك إلى استخدام حيلة لا تبدو مفاجئة، حيث يهرب أحد السجناء من السجن بعد أن يقتلع عين مأمور السجن، ويستخدمها لخداع أجهزة المسح البيومترية.

يثير هذا السيناريو سؤالاً مهماً: هل يستطيع الماسح الضوئي أن يُفرِّق بين حدقة حية وأخرى ميتة؟

وجدنا الإجابة اليوم بفضل عمل ماتيوس تروكيلوفيتش في جامعة وارسو للتكنولوجيا في بولندا، وعددٍ من زملائه؛ حيث قاموا بإنشاء قاعدة بيانات تضم صور المسح الحدقي (بصمات عينية)، يعود جزءٌ منها لأناس أحياء، والجزء الآخر لجثث أناس متوفين، ثم قاموا بتدريب خوارزمية للتعلم الآلي على اكتشاف الفرق بين الحالتين.

يقولون إن خوارزميتهم قادرة على تمييز الحدقة الحية عن الحدقة الميتة بدقة تبلغ 99%، ولكن نتائجهم توفر للمجرمين طريقة محتملة لتخطي نظام الكشف.

لنتطرق أولاً إلى بعض المعلومات الأساسية؛ لقد أدرك أطباء العيون منذ زمن طويل أن البنية المعقدة للقزحية فريدة من نوعها عند كل فرد، وتظهر التفاصيل واضحة بشكل خاص في صور القزحية بالأشعة تحت الحمراء القريبة، حيث تستخدم صور القزحية عند هذا الطول الموجي على نطاق واسع في التطبيقات الأمنية المختلفة.

ولكن النظام ليس مثالياً؛ فقد تمكن القراصنة في العام الماضي من فتح قفل هاتف ذكي من نوع سامسونج مزود بتقنية المسح الحدقي، عن طريق طباعة صورة لقزحية مالك الهاتف على عدسة لاصقة، ثم وضع هذه العدسة على مقلة زائفة.

وتعد عملية الاختراق الأكثر شناعة التي ظهرت في فيلم ديموليشن مان طريقةً أخرى للتحايل على هذه الأنظمة، ولكن لم يتوصل أحد حتى الآن إلى معرفة ما إذا كان ممكناً كشف هذا النوع من الهجوم أم لا.

وقد أمكن إجراء البحث بفضل قاعدة بيانات استثنائية؛ وهي مجموعة بيانات لصور قزحيات العيون العائدة لجثث أشخاص ميتين تحمل اسم "وارسو بيوبيز بوست مورتم آيريس"، والتي تضم 574 صورة قزحية بالأشعة تحت الحمراء القريبة، تم جمعها من 17 شخصاً في أوقات مختلفة بعد وفاتهم، ويترواح الفاصل الزمني لالتقاط الصور بعد الوفاة بين 5 ساعات إلى 34 يوماً.

كما جمع الفريق 256 صورة لقزحيات حية؛ وحرصوا على استخدام نفس الكاميرا المستخدمة في تصوير قزحيات كافة الجثث؛ بحيث لا يمكن خداع خوارزمية التعلم الآلي في التعرف على الصور استناداً إلى خصائص الكاميرات المختلفة.

كما قام الفريق بفحص مجموعة البيانات بحثاً عن أي تحيز واضح في الصور؛ مثل الاختلافات في الطريقة التي يلتقط بها مختلف المصورين الصور، والطريقة التي يؤثر بها هذا الأمر على كثافة الصور، ووجدوا أن فرص التمييز بين الصور ضئيلة في هذه الحالات.

ومع ذلك، هناك اختلاف واضح في الطريقة التي تظهر بها القزحيات الحية غالباً في الصور، مقارنة بنظرة القزحيات الميتة، هذا الاختلاف سببه أن أجفان الجثث غالباً ما تكون مفتوحة باستخدام كماشات معدنية، خلافاً لمعظم صور القزحيات الحية.

لذا، فإن كشف هذه القزحيات الأخيرة يعد عملية سهلة على خوارزمية الرؤية الآلية، فقام الفريق لهذا السبب باقتطاع الصور لإظهار القزحية فقط.

وأخيراً، استخدموا معظم مجموعة البيانات في تدريب نظام للتعلم الآلي، من أجل التعرف على قزحيات العين الحية والميتة؛ حيث استخدموا ما تبقى من مجموعة البيانات لاختبار الخوارزمية.

والنتيجة أن الخوارزمية تمكنت من الكشف بدقة عن القزحيات الميتة كافة، وأنها نادراً ما أخطأت في تصنيف القزحيات الحية، يقول الفريق: "لا يتم تصنيف أي من العينات العائدة إلى جثة أحد المتوفين كقزحية حية، مع احتمال أن يتم تصنيف عيِّنة حية كقزحية ميتة بشكل خاطئ يبلغ حوالي 1%".

ومع ذلك، هناك محاذير تنطوي عليها هذه النتائج؛ فهذه الدقة في التصنيف تنطبق فقط على الحالات التي يكون فيها القزحيات قد مر على وفاة أصحابها أكثر من 16 ساعة. يقول تروكيلوفيتش وزملاؤه: "يمكن للعينات التي تم جمعها بعد فترة وجيزة من الوفاة (أي بعد 5 ساعات في دراستنا) أن تفشل في إظهار تغيرات ما بعد الوفاة، ومن ثم تكون واضحة بما يكفي لتعطي مؤشرات على أن العين تنبض بالحياة".

هذا الأمر يمنح للقراصنة المرعبين فرصة سانحة؛ نظراً لأن مقل العيون التي تم اقتلاعها حديثاً ينبغي أن تكون حلاً جيداً. وبالطبع يمكن للقراء القلقين أن يطمئنوا بعض الشيء بعد معرفة أن مقل العيون الميتة تفقد فعاليتها في عمليات القرصنة بعد مرور بضع ساعات فقط على اقتلاعها.