أجوبة لأهم أسئلتكم حول فيروس كورونا

6 دقائق
مصدر الصورة: بايج فيكرز

ما زال وباء فيروس كورونا في بدايته فقط، ويحاول الجميع استيعاب ما يحتاجون إلى معرفته لحماية أنفسهم ومجتمعاتهم، والاستعداد لما هو قادم. فيما يلي نقدم إليكم إجابات عن بعض أكبر الأسئلة التي يطرحها قُراؤنا حول تفشي المرض، التي جمعناها من خلال استطلاع رأي تم نشره عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل أخرى.

كيف سينتهي هذا الوباء؟

لا أحد يعرف؛ إذ يشير علماء الأوبئة في إمبريال كوليدج لندن إلى أننا قد نشهد أسوأ سيناريو لانتشار المرض يتم فيه إصابة 264 مليون شخص ووفاة 2.2 مليون شخص في الولايات المتحدة الأميركية. كما أننا لا نعلم بعض الأمور المهمة حول الفيروس، بما في ذلك عدد حالات الإصابة من دون أعراض، مما يجعل من الصعب وضع خطط الاحتواء. 

بعد انتشار المرض في مقاطعة ووهان في أواخر ديسمبر، بدأت السلطات الصينية في فرض إجراءات صارمة على السفر وممارسة الأعمال، وتهدف هذه التدابير إلى وقف انتشار الفيروس بأكبر قدر ممكن من الحزم. ويبدو أن هذا الحل يحقق الغاية المرجوة منه؛ ففي 15 مارس، لم تسجل الصين أي حالة إصابة جديدة في مقاطعة ووهان. كما يُشار إلى إن الإجراءات المُشدّدة قد ساعدت على تقليل عدد الإصابات الجديدة في الأماكن التي تضررت بشدة مثل كوريا الجنوبية

للأسف، في مقابل أماكن مثل كوريا الجنوبية أو سنغافورة، هناك حالات مثل إيطاليا، التي لم تتعامل مع التفشي الأولي المرض بشكلٍ جيد، وهي الآن تعاني من تبعات ذلك؛ حيث ينتشر الفيروس بسرعة لا تُصدق ويفرض ضغطاً كبيراً على أنظمة الرعاية الصحية بما يتجاوز طاقاتها. 

وهذا جزء من السبب في أننا لا نعرف كيف سينتهي هذا الوباء؛ إذ لا يوجد حتى الآن نظام شامل يتم العمل به على مستوى العالم لاحتواء تفشي الفيروس. وفي الأسبوع الماضي فقط، كانت المملكة المتحدة تقول إنها قد تستغني عن فرض إجراءات صارمة بشأن الابتعاد الاجتماعي والعزل، وتلجأ عوضاً عن ذلك إلى اتخاذ نهج بطيء يفسح المجال لإصابة أكثر من 60% من سكانها بالعدوى من أجل تحفيز الوصول إلى المناعة الجماعية (مناعة القطيع). وربما جاء التراجع عن هذه السياسة واتباع نهج مختلف متأخراً للغاية. 

قد يصل الوباء إلى نهايةٍ طبيعية عندما ينتشر أخيراً إلى كل جزء من العالم تقريباً ولم يعد هناك أي مكان آخر ليتفشى فيه. لكن هذا من شأنه أن يؤدي إلى وفاة عدد لا يمكن تصوره من الأشخاص. وقد نشهد حلاً مركباً يتضمن تسريع إجراءات الوصول إلى مجموعة متنوعة من العلاجات المضادة للفيروسات بشكل أقرب من المتوقع للمساعدة في علاج المصابين، إلى جانب مواصلة الجهود المبذولة لإبطاء الانتشار و"تسطيح المنحنى" (المزيد عن ذلك أدناه). لكن يتمثل الحل القادر على إنقاذ أكبر عدد من الأرواح في التوصل إلى لقاح يوفر مناعة ضد الفيروس، ومن المحتمل أن يستغرق تطوير لقاح كهذا 18 شهراً آخر، علماً أنه لا يوجد حتى الآن أي مؤشر عن مدى الفعالية التي قد يؤمنها.

كيف يفترض بالحجر الصحي أن يحقق فائدة؟ 

تتمثل الفكرة وراء الحجر الصحي في عزل الأشخاص المصابين أو الذين قد يكونون مصابين، من أجل منعهم من نقل المرض إلى الآخرين، أو فصل الأشخاص الأصحاء والتأكد من بقائهم بصحة جيدة. وإذا قمنا بإعادة تقييد تحركات شخص ما بعد فترة حضانة العدوى، يمكننا عندئذٍ عزل الحالات الجديدة حال ظهورها، ومنع انتشار العدوى، وعلاج المصابين.

ويعتبر مفهوم الحجر الصحي فضفاضاً بعض الشيء؛ حيث إن عدم السماح للشخص بمغادرة المنزل، أو فرض العزل عليه داخل المستشفى، هي أشكال صارمة جداً للحجر الصحي. وفي بعض الأحيان، لا يكون الحجر الصحي إجبارياً، ولكن يتم فرضه ذاتياً من قِبل الأفراد الذين يعتقدون أنهم مصابون بالفيروس ويقومون بالأمر الصحيح عن طريق الحجر الذاتي في انتظار انتهاء فترة حضانة الفيروس (أو التعافي من المرض) قبل الخروج إلى الأماكن العامة مرة أخرى.

ولا يمثل الحجر الصحي سوى واحدٍ من قائمة الإجراءات التي يمكن اتخاذها لزيادة الابتعاد الاجتماعي والمساعدة في "تسطيح المنحنى"- أي تحديد عدد حالات الإصابة في أي وقت من الأوقات- وبالتالي، يصبح التعامل مع ذروة عدد الحالات وإدارتها أكثر سهولة بالنسبة لأنظمة الرعاية الصحية.

ما مدى سرعة تحوّر فيروس كورونا؟

تعتبر التحورات عملية طبيعية لأي جين على سطح الكوكب، بما في ذلك الجينات التي تشكل جزءاً من الفيروسات. في الواقع، يمكننا دراسة هذه التحورات في جينوم فيروس كورونا نفسه لمعرفة ما إذا كانت تفشياته في بلد واحد ذات صلة ببعضها البعض أم لا. 

وحتى الآن، يبدو أن معدل تحور فيروس كورونا هو أقل من نصف معدل تحور فيروس الأنفلونزا الذي يبلغ ما بين 8 إلى 10 تحورات شهرياً. وستتوافر أرقام أكثر تحديداً مع مرور المزيد من الوقت الذي يقضيه الباحثون في دراسة الفيروس.

مصدر الصورة: المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها

وتكمن الصعوبة الأكبر في تحديد كيفية الاستفادة من هذه المعلومات؛ حيث يحتاج الفيروس إلى المرور بتغيرات جينية متعددة حتى يتطور إلى شكلٍ أكثر فتكاً أو تهديداً. وتشير الأبحاث الحالية إلى أن السلالتين الرئيسيتين لفيروس كورونا اللتين تصيبان البشر تختلفان بنسبة 0.007% فقط. لذا، ليس هناك داعٍ للاعتقاد بأن اللقاح الذي يتم تطويره لإحدى السلالتين لن يكون مجدياً ضد الأخرى.

إذا تعافيتَ من الإصابة بفيروس كورونا، هل يمكن أن تُصاب به مرةً أخرى؟

هناك عدد قليل من التقارير حتى الآن التي تفيد بأن بعض الأفراد الذين أصيبوا بالمرض وتخلصوا من الفيروس قد أثبتت نتائج الاختبار إيجابيتها، أي أنهم أصيبوا به مرة ثانية. وحتى الآن يبدو أن هذه الحالات نادرة للغاية؛ حيث يبدو أنها تمثل أقل من 0.2% من جميع الإصابات في الصين. وتشير أبحاث أخرى إلى أن العلماء قد رصدوا إصابات مزمنة بالفيروسات التاجية عند الحيوانات.

وما زلنا لا نعرف ما يكفي من المعلومات حول الفيروس أو كيفية تطور المناعة بعد الإصابة بما يتيح لنا التحديد الدقيق لإمكانية وكيفية الإصابة به مرة أخرى. وحتى الآن، تبدو حالات الإصابة مرة ثانية نادرةً لدرجة تدفعنا إلى عدم القلق بشأنها. ويبدو أن معظم العلماء يعتقدون أنه من المرجح أن حدوث أخطاء يفسر سبب نتائج الاختبار الإيجابية لبعض المرضى الذين تعافوا من الفيروس. 

ما الذي ينبغي توقعه مع قدوم الربيع؟ هل سيكون الطقس الدافئ عاملاً مؤذياً أم مساعداً للجهود المبذولة لوقف تفشي الفيروس؟

يتمثل أحد الأسئلة الكبيرة التي يحاول العلماء الإجابة عنها فيما إذا كان فيروس كورونا يبلغ ذروة انتشاره خلال فصل الشتاء وينحسر خلال الصيف، مثله مثل الأنفلونزا. فإذا كانت هناك سمةٌ موسمية للفيروس، فهذا يعني أيضاً أنه ينبغي علينا إعداد خطط لمواجهة ارتفاعٍ سريع في مستويات العدوى في نصف الكرة الشمالي مع اقتراب حلول فصل الخريف.

لكن يبقى الجواب غير واضح؛ حيث تشير دراسة جديدة لم تتم مراجعتها من قِبل الأقران بعد إلى أن 95% من الحالات الإيجابية للإصابة بالفيروس على مستوى العالم حتى الآن قد حدثت عندما كانت درجة الحرارة بين -2 و10 درجات مئوية، مما قد يدل على انتقال العدوى بشكل أكبر في المناخات الأكثر برودة.

مصدر الصورة: أسوشييتد برس

يؤثر احتمال وجود سمة موسمية للفيروس بالفعل على كيفية تعامل بعض البلدان مع المشكلة؛ حيث إن الإستراتيجية السابقة سيئة السمعة للمملكة المتحدة التي تدعم فكرة المناعة الجماعية قد افترضت جزئياً أن البلاد كانت في حاجة إلى خطة لتفادي إنهاك نظام الرعاية الصحية الخاص بها عند الوصول إلى ذروة عدد الإصابات في فصل الشتاء. 

لكن هناك العديد من المتغيرات المختلفة التي يمكن أن تؤثر على انتقال العدوى؛ إذ لم يمضِ إلا أشهر قليلة منذ اكتشافنا للفيروس لأول مرة، لذا لم نراقب بعد ما سيحدث مع تغير الفصول. فقد يتفشى الفيروس بسرعة خلال فصل الصيف دون قيود، أو قد يُظهر سلوكاً أكثر غرابة في الشتاء. ولا شك أننا نحتاج إلى المزيد من البيانات حتى نتمكن من إجراء تنبؤات دقيقة. 

ما المدة التي يبقى خلالها المصابون ناقلين للعدوى؟ 

يتغير الجواب بتغير الدراسة التي تقرؤها؛ حيث تشير دراسة حديثة أجراها علماء ألمان إلى أن الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس هم أكثر نقلاً للعدوى في الفترة التي تسبق ظهور الأعراض عليهم وكذلك خلال الأسبوع الأول من ظهورها. ويمكن أن تظهر الأعراض في أي وقت بين يومين و14 يوماً بعد الإصابة بالفيروس. ومن الناحية الإيجابية، تظهر نفس الدراسة أنه بعد حوالي 8 إلى 10 أيام من ظهور الأعراض، لم يعد المرضى ناقلين للعدوى. تبين هذه الدراسة أنه على الرغم من أن المرض شديد العدوى في البداية، إلا أن الجسم يتخلص من الفيروس بسرعة بمجرد شروع الجسم في إنتاج الأجسام المضادة (الذي عادة ما يحدث في غضون 6 إلى 12 يوماً). 

ومع ذلك، تشير دراسة أخرى إلى أن الفيروس يمكن أن يلبث في الجسم لمدة وسطية تبلغ 20 يوماً بعد الإصابة، وقد تصل هذه المدة حتى 37 يوماً في بعض الحالات. 

وتتلخص القاعدة الأساسية التي يتم التشجيع عليها حتى الآن في الالتزام بالحجر الصحي لمدة 14 يوماً اعتباراً من لحظة ظهور الأعراض. 

ما الأدوات والتقنيات والموارد الصحية والطبية الأساسية التي نحتاجها للتعامل مع آلاف أو عشرات الآلاف من حالات الإصابة بالفيروس في المدن والبلدات؟ ولماذا لم نرفع مستوى إنتاج هذه الأدوات؟ 

يعتبر توفير أجهزة التنفس الاصطناعي الطبية للمرضى في المستشفيات أحد أكبر المخاوف التي تواجه أنظمة الرعاية الصحية في المستقبل. وبما أن كوفيد-19 يُصنَّف مرضاً تنفسياً، لذا فمن الضروري أن نكون قادرين على توفير الأكسجين أو الدعم الفني الميكانيكي اللازم لمساعدة المرضى الأكثر تضرراً على التنفس. وفي الوقت الحالي، لا يوجد في الولايات المتحدة مثلاً سوى 160,000 جهاز تنفس اصطناعي، وهو جزء ضئيل من العدد الذي قد نحتاجه إذا تفشى الفيروس بشدة أكبر هناك. لكن لم يتم تصميم نماذج الأعمال الحالية لتحفيز هذا المستوى من التصنيع، على الرغم من وجود جهود لتغيير ذلك الآن.

غير أن الحاجة الملحة الأكبر من أي أمر آخر تتمثل في توفير مجموعات الاختبار؛ فقد قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في مؤتمر صحفي يوم 16 مارس: "لدينا رسالة بسيطة لجميع البلدان: الاختبار، ثم الاختبار، ثم الاختبار". ومن المؤسف أن الولايات المتحدة ببساطة لم تكن تُجري الاختبار على عدد كافٍ من الأشخاص، لذا من شبه المؤكد وجود عدد من الإصابات أكبر بكثير من عدد الحالات التي تم تأكيدها. وعلى الرغم من تزايد الإنتاج الآن بفضل الجهود الجديدة التي تبذلها المختبرات الخاصة والأكاديمية هناك، إلا أنه قد يكون الأوان قد فات على ذلك. 

في المستقبل، ينبغي اكتشاف كيفية توسيع نطاق تصنيع العلاجات المضادة للفيروسات أو حتى اللقاحات الناجعة.

المحتوى محمي