لماذا يُعتبر فيروس كورونا أمراً سيئاً بالنسبة للتغير المناخي؟

3 دقائق
مصدر الصورة: مس تك/ غيتي إيميدجيز

أصبح من المرجح، وعلى نحو متزايد، أن جائحة فيروس كورونا ستؤدي إلى تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة لهذه السنة؛ حيث أدى تفاقم المخاوف حول الصحة العامة إلى إيقاف الرحلات الجوية وخنق التجارة العالمية.

ولكن سيكون من الخطأ أن نفترض أن هذا الفيروس الذي ينتشر بسرعة، والذي أدى إلى مقتل الآلاف وإدخال الملايين في الحجر الصحي، سيؤدي إلى إضعاف أخطار التغير المناخي بشكل ملحوظ.

وكما في المرات النادرة السابقة التي انخفض فيها التلوث الكربوني بسبب الأزمات الاقتصادية والأوبئة والحروب، فمن المرجح أن تعاود الانبعاثات تصاعدها فور عودة الاقتصاد إلى حالته الطبيعية. في هذه الأثناء، إذا أدى الفيروس إلى جائحة عالمية وانهيار اقتصادي، فقد يؤدي بسهولة إلى استنزاف التمويل والإرادة السياسية من الجهود المبذولة في مواجهة الأخطار المناخية.

في الواقع، من المؤكد أنه يجب أن نكرّس أغلب تركيزنا ومواردنا على مواجهة الفيروس في هذه الفترة، نظراً للأخطار المحدقة والجسيمة التي تتعرض لها الصحة العامة.

غير أنه يوجد احتمال بأن يُضيف فيروس كورونا المزيد من التعقيدات إلى المشاكل المناخية -التي تمثل بحد ذاتها تهديداً خاصاً، وإن كان على مدى أبعد- خصوصاً في هذه المرحلة التي تتطلب تغييرات كبيرة. يمكن أن يحدث هذا بعدة طرق:

  • إذا أصيبت الأسواق الكبرى بالجمود، فسوف يصبح من الصعب على الشركات أن تؤمّن التمويل اللازم للمضي بأية مشاريع حالية تتعلق بالطاقة الشمسية أو الريحية أو البطاريات، ناهيك عن اقتراح مشاريع جديدة.
  • هبطت أسعار النفط إلى مستويات تاريخية الانخفاض مؤخراً؛ وذلك بسبب حرب الأسعار بين روسيا والسعودية، إضافة إلى المخاوف بسبب فيروس كورونا. يمكن أن يؤدي انخفاض أسعار الوقود إلى زيادة صعوبة تسويق السيارات الكهربائية، التي تتصف في المقام الأول بارتفاع أسعارها مقارنة بالسيارات التقليدية. لهذا السبب، انهارت أسهم تسلا مؤخراً.
  • تساهم الصين بنسبة كبيرة من الإنتاج العالمي للألواح الشمسية والتوربينات الريحية وبطاريات أيونات الليثيوم التي تغذي السيارات الكهربائية ومشاريع تخزين الطاقة للشبكات الكهربائية. قالت الشركات في الصين إنها بدأت تعاني من مشاكل التزويد، بالإضافة إلى انخفاض في الإنتاج والشحنات، وهو ما أدى بدوره إلى إبطاء بعض مشاريع الطاقات المتجددة في الخارج. وإن أي تضييق على التجارة مع هذا البلد الذي انطلق منه الفيروس -والذي يحاول بعض أفراد إدارة ترامب الدفع باتجاهه- سيؤدي إلى مزيد من العرقلة لسلاسل التزويد وشبكات التوزيع لمنتجات الطاقة النظيفة.
  • يمكن أن يؤدي تصاعد المخاوف الصحية والاقتصادية أيضاً إلى تشتيت انتباه العامة عن هذه المشكلة، بعد أن أصبح التغير المناخي من القضايا ذات الأهمية الكبرى بالنسبة للناخبين في السنوات الأخيرة، وإحدى القوى التي أدت إلى صعود حركات الناشطين الشباب حول العالم، وتزايد الضغط على السياسيين لاتخاذ خطوات جدية. ولكن في خضم تراجع اقتصادي وأزمة صحية عامة، من المتوقع أن ينتقل تركيز الناس إلى المخاوف الصحية المباشرة والمسائل الاقتصادية الشخصية، مثل الوظائف ومدخرات التقاعد والمنازل. وسيتراجع الاهتمام بالأخطار بعيدة المدى للتغير المناخي إلى المرتبة الثانية.

هناك بضعة عوامل ذات تأثير معاكس أيضاً.

يمكن أن يؤدي الانخفاض المستمر في أسعار النفط إلى جعل الاستثمارات بعيدة المدى في الطاقة النظيفة أكثر جاذبية بالنسبة للّاعبين الكبار في مجال الطاقة، كما قال أحد محللي مجموعة يوراسيا لموقع أكسيوس. وقد تواجه بعض الدول الأزمة الاقتصادية بجهود تحفيزية لضخ التمويل في مشاريع الطاقة النظيفة والمشاريع المناخية. 

أشار البعض أيضاً إلى أن الفيروس قد يؤدي إلى تغيرات طويلة الأمد في السلوكيات التي تؤثر بشدة على مستويات الكربون، إذا طال خوفهم من السفر بالطائرات والسفن، وأصبحوا يفضلون العمل عن بعد والمؤتمرات الافتراضية. أو أن استجابتنا السريعة في وجه خطر داهم تثبت قدرتنا على تبني التغيرات الاجتماعية الضرورية لمواجهة التغير المناخي.

ولكن جيرنوت واجنر، وهو أستاذ مساعد مختص بالدراسات السريرية في قسم الدراسات البيئية في جامعة نيويورك، يرى أن معظم المخاطر على التغير المناخي لحظية، وأننا يجب أن نكون حَذِرين في الدروس التي نستقيها من هذا الوضع.

يقول واجنر: "لقد انخفضت الانبعاثات في الصين لأن الاقتصاد أصيب بالشلل والناس يموتون، ولأن الفقراء عاجزون عن الحصول على الدواء والغذاء. هذا ليس بالمثال الذي نرغب في تطبيقه لتخفيض الانبعاثات التي تؤدي إلى التغير المناخي".

وبالفعل، فإن هدف التعامل مع التغير المناخي في المقام الأول هو تفادي الانتشار الواسع للمعاناة والموت، ولهذا من الهام ألا ننسى أثناء تفكيرنا في الآثار بعيدة المدى لفيروس كورونا أن الآثار المباشرة واضحة، وهي أن الكثيرين سيمرضون ويموتون. 

وهو أمر لا يضاهيه في السوء أمر آخر. ولهذا فإن إبطاء انتشار المرض وتقديم العناية المناسبة يجب أن يكونا أولويتنا الأهم حالياً.

المحتوى محمي