بدأت ملاعب الدوري الإنجليزي الممتاز رسمياً بتطبيق تكنولوجيا التسلل شبه الآلي بداية من الجولة التي بدأت في بداية هذا الأسبوع (الجولة الـ 32)، وقبل ست جولات من انتهاء الموسم الكروي 2024-2025 بعد أن اعتُمِدت رسمياً من قِبل رابطة أندية الدوري الإنجليزي في شهر أبريل من العام الماضي. فما هي تكنولوجيا التسلل شبه الآلي؟ وكيف تعمل؟ وما أثرها في مسألة اتخاذ القرارات؟
ما هي تكنولوجيا التسلل شبه الآلي SAOT؟
تعتبر تكنولوجيا التسلل شبه الآلي (Semi-Automated Offside Technology، اختصاراً إس أيه أو تي SAOT)، عبارة عن نظام مدعوم بالذكاء الاصطناعي يعمل على أتمتة العناصر الرئيسية لعملية اتخاذ القرار فيما يتعلق بحالات التسلل مع التركيز بشكلٍ أساسي على تحديد الموقع الدقيق لخط التسلل الافتراضي من خلال استخدام التتبع البصري لحركة اللاعب.
ما هي آلية عمل تكنولوجيا التسلل شبه الآلي في الدوري الإنجليزي الممتاز؟
تعمل تقنية التسلل شبه الآلي في الدوري الإنجليزي الممتاز من خلال التتبّع الدقيق لحركة كلٍ من الكرة واللاعبين في الوقت الفعلي بواسطة شبكة من الكاميرات عالية الدقة تصل إلى نحو 30 كاميرا، بمعدل إطار مرتفع قدره 100 إطار في الثانية، وهو ضعف معدل إطار كاميرات البث النموذجية، تُوضع في زوايا مختارة بعناية في أرجاء الملعب كلها، ما يُتيح تحديداً دقيقاً للإحداثيات المكانية لكل لاعب على أرض الملعب والكرة في أي لحظة معينة، من خلال تتبع ما يصل إلى 29 نقطة بيانات محددة على جسم كل لاعب على حدة.
اقرأ أيضاً: هل يصبح الذكاء الاصطناعي مساعداً لمدربي كرة القدم؟
مع ملاحظة أنه على عكس النظام المستخدم في مسابقات الاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحاد الأوروبي والدوريات الأخرى، فإن الكرات المستخدمة في الدوري الإنجليزي الممتاز لا تتضمن مستشعراً داخلياً، بدلاً من ذلك فإن الاعتماد الكامل سيكون على إمكانات التتبع البصري لشبكة الكاميرا في الملعب لتقييمات التسلل الدقيقة.
وتُعالج الكمية الهائلة من البيانات المرئية التي تُلتقط بواسطة الكاميرات من خلال منصة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تُشغل بواسطة شركة جينيوس سبورت (Genius Sports)، الشريك التقني للدوري الإنجليزي الممتاز، حيث تعمل المنصة على توليد عرض ثلاثي الأبعاد كامل للاعبين كلهم وكذلك الكرة، ما يوفّر فهماً مكانياً شاملاً للعبة واتخاذ القرار في الوقت الفعلي بتفصيل وسرعة كبيرتين.
جدير بالذكر أن تكنولوجيا التسلل شبه الآلي تهدف بصورة أساسية إلى تبسيط حالات التسلل فقط وفهمها، وليس لها أي علاقة فنية مع الحالات الأخرى التي تتعلق بتكنولوجيا حكم الفيديو المساعد، مثل الفصل في حالات ركلات الجزاء أو البطاقات الحمراء أو العنف بين اللاعبين.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يدخل ملاعب كرة القدم ويرسم مستقبل هذه الرياضة
كيف تتكامل تكنولوجيا التسلل شبه الآلي مع تكنولوجيا حكم الفيديو المساعد؟
يُعدُّ مصطلح نصف آلي (Semi-Automated) مهماً للغاية لفهم كيفية عمل التكنولوجيا، لأنها لا تُلغي دور حكم الفيديو المساعد بل تؤكد استمرار مشاركة الحُكم البشري في عملية صُنع القرار النهائي، وهذا يعني أنه بينما توفّر تكنولوجيا التسلل شبه الآلي إشعارات تلقائية وأدوات مرئية، فلا يزال حكم الفيديو المساعد مسؤولاً عن مراجعة دقة مخرجات النظام وتأكيدها.
على وجه التحديد، ينبغي لحكم الفيديو المساعد التحقق من أن نظام التسلل قد حدّد بشكلٍ صحيح اللحظة الدقيقة التي لُعِبت فيها الكرة واللاعبين المهاجمين والمدافعين المشاركين في عملية التسلل وجزء الجسم المحدد الذي يحدّد موضع التسلل. بالإضافة إلى ذلك، يحتفظ حكم الفيديو المساعد بمسؤولية الفصل في الجوانب الذاتية للتسلل مثل تحديد ما إذا كان اللاعب في وضع التسلل يتداخل بنشاط مع اللعب أو ما إذا كانت لمسة المدافع على الكرة تعتبر تمثيلية متعمدة.
شرح تفصيلي لكيفية عمل النظام
تؤدي خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تدعم تكنولوجيا التسلل شبه الآلي دوراً حاسماً في تحديد مواقف التسلل المحتملة من خلال معالجة التدفقات الكبيرة للبيانات التي التُقِطت في الوقت الفعلي، لتحديد مواقف اللاعبين بدقة، وتجري عملية تحديد موقف التسلل من عدمه من خلال الخطوات التالية:
1- بمجرد اشتباه خوارزميات النظام في حالة تسلل ترجع مباشرة إلى اللحظة التي ركل فيها اللاعب الكرة، أو ما يُشار إليها بنقطة الركلة (kick Point). يُنشئ النظام تلقائياً خطوط التسلل الافتراضية التي تُوضع عادة على لاعب الدفاع من الثاني إلى الأخير ولاعب الهجوم المشارك في اللعبة.
2- يبدأ النظام على الفور عملية توليد تمثيل مرئي لحكم الفيديو المساعد، من خلال إعادة عرض افتراضية ثلاثية الأبعاد تعرض اللاعبين المعنيين المشاركين في حالة التسلل، الذين يمكن التعرّف إليهم بسهولة من خلال ألوان أطقم اللعب الخاص بكل فريق.
3- يُنشئ النظام تلقائياً خطوط ألوان، حيث يرمز الخط باللون الأحمر إلى أن اللاعب كان متسللاً، بينما يشير الخط الأخضر إلى أن اللاعب لم يكن متسللاً، مع إنشاء جدار عمودي أبيض شفاف لتمثيل خط التسلل الدقيق.
4- إذا اعتُبِر أن اللاعب المهاجم في وضع التسلل، فإن جزءاً من جسمه الذي يتجاوز خط التسلل سيظهر متقاطعاً مع الجدار الأبيض، وسيُلط الضوء عليه مع مخطط أحمر.
5- تُقدَّم اللقطة البصرية التي أُنشئت في خلال 30-31 ثانية فقط إلى حكم الفيديو المساعد كإعادة قائمة بذاتها دون أي تراكب على لقطات البث المباشر، ما يضمن أن التركيز على التقييم التقني فقط لا غير.
جدير بالذكر أنه في المواقف التي يواجه فيه النظام صعوبات مثل عدم وضوح موقع الكرة أو تداخل اللاعبين بشكلٍ معقد، فإن حكم الفيديو المساعد لديه خيار العودة إلى الطريقة التقليدية ومراجعة اللقطة بصرياً ورسم الخطوط يدوياً على اللقطة الاحتياطية، ثم نقل القرار إلى حكم الساحة الذي لديه أيضاً خيار مراجعة اللقطة بنفسه لتقييم الحالات المعقدة المتداخلة عبر شاشة الإعادة الموضوعة بجانب كابينة الحكم الرابع لاتخاذ القرار النهائي.
اقرأ أيضاً: هل يستطيع الذكاء الاصطناعي اختيار أفضل تشكيلة فريق كرة قدم؟
لماذا اعتمد الدوري الإنجليزي تكنولوجيا التسلل شبه الآلي بعد طول انتظار؟
على الرغم من أن العديد من الدوريات الأوروبية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأميركي الجنوبي اعتمدت تكنولوجيا التسلل شبه الآلي بعد إطلاقها أول مرة في مرحلة المجموعات من بطولة دوري أبطال أوروبا لموسم 2022-2023، فإن رابطة الدوري الإنجليزي تأخرت في اعتماد التكنولوجيا بسبب أن الأندية نفسها لم ترَ حاجة مُلحّة لتغيير نظام حكم الفيديو المساعد الحالي، على الرغم من الجدل الدائر حوله.
علاوة على ذلك، خضع النظام لفترات تجربة كثيفة لضمان موثوقيته بسبب عدم تضمين الكرة لجهاز استشعار داخلي يعمل على الكشف الدقيق عن نقطة الركل، كما لم يخضع مسؤولو الدوري الإنجليزي للضغوط الجماهيرية، حيث أرادوا تجنب إدخال نظام قد يُثير جدلاً جديداً أو أعطالاً فنية، لذلك أعطوا الأولوية للاختبار الشامل على سرعة التبني.
كيف يمكن أن يساعد النظام المشجعين على فهم حالات التسلل بشكلٍ أفضل؟
غالباً ما كانت الاتهامات بالخطأ البشري -التي تنشأ أحياناً من نظريات المؤامرة- تلاحق حكم الفيديو المساعد، ولكن الآن من خلال جعل العملية بكاملها شبه مؤتمتة، فإن فهم حالات التسلل سيكون أفضل بالنسبة للكثير من المشجعين، لأن شرح لقطات التسلل لن يكون على عاتق الحكم المساعد وحده، بل سيُبث مباشرة في الشاشة العملاقة في الملعب وعبر شاشات التلفاز وحتى حساب الدوري الإنجليزي على منصة إكس.
هذه العملية التشاركية ستكون أفضل حالاً للكثير من المشجعين الذين سيكونون أكثر ارتياحاً للحكم على حالات التسلل بأنفسهم بصرياً، سواء كانوا موجودين داخل الملعب أو خلف الشاشات، ما يضمن نزاهة اللعبة وموثوقية قرارات حكم الفيديو المساعد ويزيل عن حكم الساحة الرئيسي عبء شرح قراراته للاعبين، ما يُسرّع من مجريات اللعبة ويجعل الجميع راضين عن القرارات التحكيمية، وهو ما يُبرز دور التكنولوجيا وأهميته في كونها أصبحت عاملاً مساعداً مهماً على اتخاذ القرارات.