يمثل "الذكاء الاصطناعي العام" (Artificial general intelligence) المعروف اختصاراً بـ (AGI) حلم إنشاء آلة قادرة على التفكير والتصرف مثل الإنسان تماماً. على الرغم من أن هذا الهدف لا يزال بعيد المنال، إلا أن العمل جارٍ على تطوير نماذج عديدة، وهناك الكثير من الأفكار التي تريد الشركات والعلماء تجربتها.
ما هو الذكاء الاصطناعي العام؟
الذكاء الاصطناعي العام هو ذكاء اصطناعي بقدرات متنوعة، وهو قادر على حل مشكلات متعددة دون الحاجة إلى إعادة برمجته من الصفر، إنه ذكاء اصطناعي قادر على لعب الشطرنج وكتابة النصوص والتعرف على الصور وغيرها من المهام المعقدة، والانتقال بسلاسة من مهمة إلى أخرى دون أي مشكلة، تماماً كما يفعل البشر.
اقرأ أيضاً: إصدار محسن من نموذج جي بي تي 3 للكتابة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي
هناك مصطلحات عديدة تستخدم للإشارة إلى الذكاء الاصطناعي العام، مثل الذكاء الاصطناعي الفائق أو التفرد التكنولوجي، كل هذه المصطلحات تشير إلى المستوى البشري للذكاء الاصطناعي، الذي قد يمتلك مشاعر وضميراً أيضاً.
في عام 1970، توقع "مارفن مينسكي"، وهو عالم أميركي متخصص بالعلوم الإدراكية والمعرفية في مجال الذكاء الاصطناعي، أن البشر سيتمكنون من تطوير ذكاء اصطناعي فائق القدرات خلال سنوات، وقال في مقابلة مع مجلة "لايف" (Life): "في غضون 3 إلى 8 سنوات، سيكون لدينا آلة تتمتع بذكاء اصطناعي عام مثل الإنسان العادي. أعني آلة ستكون قادرة على قراءة قصص شكسبير وممارسة السياسة وقول نكتة والدخول في نقاشات والخوض في قتال. عند هذه النقطة، ستبدأ الآلة هذه بتثقيف نفسها بسرعة كبيرة. وفي غضون عدة أشهر، ستمتلك مستوى من العبقرية، وبعد عدة أشهر أخرى، ستصبح قدراتها غير محدودة".
على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على هذه المقابلة، لم تتحقق رؤية مينسكي، لكننا نمتلك أنظمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي متقدمة للغاية، هذه الأنظمة قادرة على التنبؤ بسلوك الأشخاص واهتماماتهم على الإنترنت، وإجراء محادثات بلغة بشرية مع المساعدين الافتراضيين، وحتى إجراء عمليات جراحية دون إشراف بشري.
التوجه التالي في مجال الذكاء الاصطناعي يتضمن القدرة على التعلم ونقل التعلم، هذا الأمر يسمح للذكاء الاصطناعي بالاحتفاظ بالبيانات التي جمعها لتنفيذ مهمة معينة من أجل استخدامها مستقبلاً في تنفيذ مهام آخرى.
اقرأ أيضاً: شرح معنى " الذكاء الاصطناعي متعدد المهام"
الفرق بين الذكاء الاصطناعي (AI) والذكاء الاصطناعي العام (AGI)
يستخدم مصطلح الذكاء الاصطناعي للإشارة إلى الأنظمة التي تم تصميمها لحل مشكلات محددة ومعروفة مسبقاً، وهي لا تتبع آلية عمل الدماغ البشري في حل المشكلة، بل تركز على المشكلة لفهمها بشكلٍ أفضل وتوقع جميع السيناريوهات الممكنة المفيدة، ثم تتخذ القرار الأفضل. يمكن أن يكون القرار قد تم اتخاذه في السابق من قبل الإنسان أو من قبل أنظمة ذكاء اصطناعي أخرى.
في حالة الذكاء الاصطناعي العام، تكون الأنظمة قادرة على التصرف دون تدخل أو إشراف بشري، وهي تعتمد على التفكير المنطقي بنفس الطريقة التي يعمل بها الدماغ البشري لحل أي نوع من المشكلات، وهذا يجعل الأنظمة قادرة على حل أي مشكلة حتى لو كانت هذه المشكلة غير محددة حين تم تطوير الذكاء الاصطناعي.
تتوفر حالياً تكنولوجيا يمكن القول أنها الأساس لإنتاج ذكاء اصطناعي عام، نحن نتحدث عن التعلم العميق، وهي حالة خاصة من التعلم الآلي تعتمد على استخدام الشبكات العصبونية الاصطناعية، والتي تحاكي طريقة عمل الشبكات العصبية التي يتكون منها الدماغ البشري.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي متعدد المهارات: نحو تحسين المحاكاة الحسية لسلوك البشر
ما الذي يجعل تطوير الذكاء الاصطناعي العام بعيد المنال؟
لا يوجد سبب واحد، بل هناك مجموعة من الأسباب مثل:
تعد محاكاة عمل الدماغ البشري وسلوك الإنسان أمراً صعباً للغاية، فالعلم حتى الآن لم يتمكن من فهم كيفية عمل الخلايا والتشابكات العصبية التي تتدخل في عملية اتخاذ القرارات ومعالجة البيانات الواصلة من الحواس الخمسة.
المجتمع العلمي منقسم إلى حد ما بشأن التكنولوجيا المتوفرة حالياً وتوقيت الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام، إذ يعتقد البعض أننا وصلنا لمرحلة الذكاء الاصطناعي العام من خلال تكنولوجيا التعلم العميق، في حين يعتقد آخرون أن هذا الأمر ما يزال بعيد المنال.
ستشكل الجوانب الأخلاقية والمخاطر المرتبطة بتطوير ذكاء اصطناعي مستقل تماماً عن الإشراف البشري مشكلة كبيرة، فنحن لا نعرف كيف سنتعامل مع الأخطاء والانتهاكات التي سوف يرتكبها الذكاء الاصطناعي العام، ومن سوف يتحمل مسؤولية الأخطاء والانتهاكات.